منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني خصوصاً، حارب الباباوات النسبوية Relativism في اللاهوت والأخلاق لعلمهم أنها خراب للاهوت والأخلاق وإفساد لعقيدة الكنيسة.
وفي ما يلي توضيح مبسط لهذه المعضلة.
القول بنسبوية الحقيقة ينكر حقيقة كلام الله وتعليم الكنيسة كمرجعين ثابتين للعقيدة.
بعدها يصير بالإمكان طرح أي رأي كان، مع إستحالة الحوار لتبيان الحقيقة لأنّ الطرف القائل بنسبويّة الحقيقة لا يرضى حقيقة كلام الله والكتاب المقدّس كأساس للحوار.
بعدها يمكن طرح تعاليم يزعم قائلوها أنها حقيقة ثابتة، بينما لا ندري ما هي المرجعيّة التي تثبتها.
وتجادل هؤلاء فيتهمونك بتراشق الأفكار والخلو من المحبة والتسبب بقسمة المؤمنين، وينكرون عليك حقك في الدفاع عن عقيدة الكنيسة لأنك لست "الكنيسة " لتطلق الأحكام.
لكن قبل أن نرد على الأفكار اللاهوتية النسبوية، إعتراضنا في الأساس هو على إعتماد الطرح النسبوي كمعيار للحقيقة، بينما هو يلغي الحقيقة، مع ما في ذلك من تعطيل لإمكانية وجود أساس ثابت للحوار.
فكيف تحاور شخصاً تتساوى عنده عقائد الكنيسة مع آرائه الشخصيّة.
ويجهد هؤلاء ليثبتوا أننا على خطأ، بينما طرحهم في الأساس يلغي تخطئتهم لنا.
فإذا كانت الأمور نسبيّة كما يزعمون، فالصواب والخطأ متساويان، وخطؤنا هو أيضاً صواب.
فهل يعتمدون نسبويّة اللاهوت، بينما يتنكرون للنسبوية في حكمهم علينا؟
في غياب عقيدة ثابتة، وحقيقة ثابتة ومبدأ ثابت، عبثاً نجادل هؤلاء.
ولن تنطلي علينا مزاعمهم لتبرئة الذات المدعومة بإتهامنا بالتجريح والخطأ والتجنّي.
اللعبة مكشوفة مهما قالوا، والحقيقة الحقيقة أن النسبويّين قد يؤمنون بأي شيء لغاياتهم المبيّتة، أي أنهم لا يؤمنون بشيء.
وليسامحونا على تسببنا بالتشوش ونقص المحبة وقسمة المؤمنين وتراشق الأفكار.
لكن نحن نعلم أنّ حتّى هذه لا تهمهم، بل هي ذرائع للدفاع عن طروحاتهم غير البنّاءة.
فالنسبويّة لا تبني لاهوتاً ولا أخلاقاً ولا إيماناً، وما عواقبها سوى الخراب.
/الأب أنطوان يوحنا لطوف/