البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في المجمع العام للرهبنة الثالثة الفرنسيسكانية للعلمانيين
البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في المجمع العام للرهبنة الثالثة الفرنسيسكانية للعلمانيين
15 Nov
15Nov
"لتكن دعوتكم كعلمانيين مُفعمة بالقرب والشفقة والحنان، وتكونوا رجال ونساء رجاء ملتزمين بعيشه وكذلك في تنظيمه وترجمته في الأوضاع اليومية الملموسة وفي العلاقات الإنسانية والالتزام الاجتماعي والسياسي".
هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للمشاركين في المجمع العام للرهبنة الثالثة الفرنسيسكانية للعلمانيين.
إستقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المجمع العام للرهبنة الثالثة الفرنسيسكانية للعلمانيين وللمناسبة ألقى الأب الاقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أحييكم بالكلمات التي كان القديس فرنسيس يوجّهها للذين كان يلتقي بهم على طول الدرب: "ليمنحكم الرب السلام!".
يسعدني أن أستقبلكم بمناسبة مجمعكم العام، وفي هذا السياق، أود أن أذكر ببعض العناصر الخاصة بدعوتكم ورسالتكم.
تولد دعوتك من الدعوة الشاملة إلى القداسة. ويذكرنا التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية أنَّ "العلمانيين يشتركون في كهنوت المسيح وعندما يزدادون اتحادا به ينشرون نعمة المعموديّة والتثبيت في جميع أبعاد الحياة الشخصية والعائليّة والاجتماعية والكنسية ويحققون هكذا الدعوة إلى القداسة الموجهة إلى جميع المعمدين".
تابع الأب الأقدس يقول هذه القداسة، التي دُعيتُم إليها كفرنسيسكان علمانيين، كما تطلب منكم رسومكم العامة والقانون الذي وافق عليه القديس بولس السادس، تتضمّن ارتداد القلب، الذي اجتذبه واستحوذ عليه وحوّله ذاك الذي وحده هو القدوس، الذي هو "الخير، كل خير، الخير الأعظم.
هذا ما يجعل منكم "تائبين" حقيقيين. يقدم القديس فرنسيس في رسالته إلى جميع المؤمنين "التوبة" كمسيرة ارتداد ومسيرة الحياة المسيحية والتزام لتتميم مشيئة الآب السماوي وأعماله. ومن ثمَّ يصف في وصيّته، عملية ارتداده بهذه الكلمات، التي تعرفونها جيدًا: "لقد منحني الرب، أنا الأخ فرنسيس، أن أبدأ التوبة بهذه الطريقة: عندما كنت في الخطايا، بدا لي الأمر مريرًا جدًا أن أرى البرص؛ وقد قادني الرب بينهم وعاملتهم برحمة.
وبابتعادي عنهم، ما كان يبدو لي مرًا تحول إلى حلاوة في الروح والجسد. ثم بقيت قليلاً وتركت العالم".
أضاف الحبر الأعظم يقول هكذا تتمُّ عمليّة الارتداد: يأخذ الله المبادرة: "لقد منحني الرب أن أبدأ التوبة".
يقود الله التائب إلى أماكن لم يكن يريد أن يذهب إليها أبدًا: "قادني الله بين البرص".
ويجيب التائب بقبوله بأن يضع نفسه في خدمة الآخرين ويعاملهم بالرحمة.
والنتيجة هي السعادة: "ما كان يبدو لي مرًا تحول إلى حلاوة في الروح والجسد".
هذا ما أحثكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء على تحقيقه في حياتكم ورسالتكم.
ورجاء لا تخلطوا بين "التوبة" و "أعمال التوبة".
هذه - الصوم، الصدقة، الإماتة - هي نتائج قرار فتح قلوبكم لله، افتحوا قلوبكم لله! افتحوا قلوبك للمسيح، وعيشوا وسط الناس العاديين، بأسلوب القديس فرنسيس.
وكما كان القديس فرنسيس "مرآة للمسيح"، يُمكنكم أنتم أيضًا أن تصبحوا "مرايا للمسيح".
تابع البابا فرنسيس يقول أنتم رجال ونساء يلتزمون بالعيش في العالم وفقًا للموهبة الفرنسيسكانية.
موهبة تقوم بشكل جوهري على الحفاظ على الإنجيل المقدس لربنا يسوع المسيح.
إن دعوة الفرنسيسكاني العلماني هي أن يعيش الإنجيل في العالم بأسلوب فقير أسيزي، أي أن يأخذ الإنجيل كـ "شكل وقاعدة" حياة.
أحثكم على أن تعانقوا الإنجيل كما لو كنت تعانقون يسوع.
وليكن الإنجيل، أي يسوع نفسه، هو الذي يطبع حياتكم. فيكون هكذا الفقر والصغر والبساطة العلامات التي تميّزكم أمام الجميع.
بهويتكم الفرنسيسكانية والعلمانية هذه، أنتم جزء من الكنيسة التي تنطلق.
مكانكم المفضل هو أن تكونوا بين الناس، وهناك، كعلمانيين، كهنة وأساقفة، كل حسب دعوته الخاصة، يمكنكم أن تشهدوا ليسوع بحياة بسيطة، وبدون ادعاءات، فرحين على الدوام باتباع المسيح الفقير والمصلوب، على مثال القديس فرنسيس والعديد من الرجال والنساء في رهبانيّتكم.
أشجعكم أيضًا على الخروج إلى الضواحي الوجوديّة، وأن تجعلوا صدى كلمة الإنجيل يتردّد هناك. ولا تنسوا أبدًا الفقراء، الذين هم جسد المسيح: أنتم مدعوون لكي تعلنوا لهم البشرى السارة، على مثال القديسة إليزابيث المجريّة، شفيعتكم. وكما تميزت في الماضي "أخويات التائبين" بتأسيس المستشفيات والمستوصفات وموائد الفقراء وغيرها من أعمال المحبّة الاجتماعية الملموسة، هكذا يرسلكم الروح القدس اليوم لكي تمارسوا المحبّة عينها بالإبداع الذي تتطلبه أشكال الفقر الجديدة.
ولتكن دعوتكم كعلمانيين مُفعمة بالقرب والشفقة والحنان، وتكونوا رجال ونساء رجاء ملتزمين بعيشه وكذلك في تنظيمه وترجمته في الأوضاع اليومية الملموسة وفي العلاقات الإنسانية والالتزام الاجتماعي والسياسي وتغذّوا الرجاء بالمستقبل وتخففوا ألم الحاضر.
وهذا كلّه خلص البابا فرنسيس إلى القول، أنتم مدعوون أيها الإخوة والأخوات لكي تعيشوه في أخوَّة، وتشعروا أنكم جزء من العائلة الفرنسيسكانية الكبيرة.
بهذا المعنى، أذكركم برغبة القديس فرنسيس في أن تبقى العائلة بأسرها متحدة، في احترام الاختلافات واستقلالية مختلف المكونات وكذلك استقلاليّة كلِّ عضو.
وإنما على الدوام في شركة حيوية متبادلة، لكي تحلموا معًا بعالم يكون فيه الجميع إخوة ويشعرون بذلك أيضًا، ويكافحون معًا من أجل بنائه: من خلال النضال من أجل العدالة، والعمل من أجل إيكولوجيا متكاملة، والتعاون في المشاريع الإرسالية جاعلين من أنفسكم صانعي سلام وشهود تطويبات.
ليرافقكم القديس فرنسيس وجميع قديسي وقديسات العائلة الفرنسيسكانية في مسيرتكم.
ليبارككم الرب ولتحفظكم العذراء مريم. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.