تدعونا الكنيسة للاحتفال بمجد مريم العذراء، بنت الناصرة المتواضعة التي أختارها الله لتكون أما لابنه مخلص العالم.
فلا يسعنا سوى ان نتأمل بالآيات الفريدة التي صنعها الله الى مريم العذراء حيث انتقلت بعد مسيرتها الأرضية الى السماء بالجسد والروح. ويحثنا عيد انتقال العذراء الى تجديد حبنا لمريم، وتعظيمها وتكريمها لأجل "العظائم" التي صنعها الكلي القدرة لها وفيها "ما في سعة المجد في ميراثه بين القديسين" (أفسس ١ / ١٦ ).
فأنا أتكلم عن مريم ولكن بشكل ما، أتكلم عن جميع البشر ، عن كل منا : فنحن أيضاً محط محبة الله العظيمة التي خصَّ الله بها مريم بشكل خاص جداً.
في عيد الانتقال المجيد هذا ننظر إلى مريم : هي تفتح قلوبنا على الرجاء، رجاء مستقبل مليء بالفرح، وتعلمنا الطريق للوصول إليه: من خلال قبول ابنها بالإيمان؛ لا نخسرنّ أبداً الصداقة معه، بل فلنسمح له أن ينيرنا وأن يهدينا بكلمته؛ أن نتبعه كل يوم، حتى في الأوقات التي نظن فيها أن صلباننا قد أضحت ثقيلة.
في تأملنا بالعذراء مريم ننال نعمة أخرى: نعمة أن ننظر بالعمق في حياتنا.
نعم، لأن وجودنا اليومي، مع مشاكله وآماله، ينال نوراً من أم الله، من مسيرتها الروحية، ومن مصيرها المجيد: مسيرة وغاية يمكن، لا بل يجب أن يضحيا، بشكل أو بآخر، مسيرتنا وغايتنا.
مريم التي انتقلت إلى السماء بالنفس والجسد، تبين لنا بوضوح أننا في طريقنا نحو بيتنا الحق، شركة الفرح والسلام مع الله.
أناجيكِ يا مريم يا سيدتنا، الكلية القداسة، يا من انتقلتِ من هذا العالم وكُللت مع المسيح إلى الأبد، وانت الآن تتألقين بين جوقات القديسين انظري بنظرة عطوفة وتشفعي بصلاتك لأبنائكِ كي يصلوا إلى السماء ويتمثلّوا فيكِ ويكونوا أهلاً لمشاركتكِ مجد القيامة. آمــــــــــــين.