إن ما يميز المسيحية عن باقي الديانات هي عقيدتها في سر الثالوث الأقدس.
فمنذ نشأة الكنيسة وهي تدافع عن إيمانها لهذا السر العظيم الذي أظهره لنا الرب يسوع المسيح جلياً في حياته وأعماله وأقواله والذي كان غامضاً في العهد القديم.
وجاء هذا الإيمان أيضا في ضوء قيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات.
كان هذا السر معضلة للكنيسة الأولى أمام الهرطقات والبدع التي ظهرت في القرون الأولى والتي اتهمت المسيحية بعبادة ثلاثة آلهة، أو أن الله الآب والابن والروح القدس متميزين ولا يتمتعون بصفات إلهية أو ما شابه.
إلاّ أن أول معضلة تواجهها المسيحيّة هي قصة وحدانية الله، أي أن الله واحد ولا يوجد آلهة غيره.
أي أن اعتبار الرب يسوع المسيح إله والروح القدس إله إنما هو إشراك في الآلهة، بكلمات أخرى أن الله له شركاء آخرون في الألوهية.
طبعاً الكنيسة تؤمن بإله واحد وليس بآلهة متعددة.
هذا ما سيكون موضوع بحثنا في الفصل الأول من هذا القسم والذي يتحدث عن الثالوث الأقدس.
ثم سنعطي البراهين عن هذه الوحدانية من خلال الرجوع إلى المصادر الكتابية، الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد.
بعد ذلك سننتقل في الفصل الثاني للتحدث عن الوحدانية والثالوث وكيف كشف لنا الله ذاته وكيف كشف لنا السيد المسيح عن حقيقة الثالوث وأيضا كشف الروح للثالوث.
وفي الفصل الثالث سيكون موضوعنا ‘ن الكنيسة التي أسسها السيد المسيح وأرسلها لتنشر الملكوت ( متى ٢٨ / ١٩ ) ويكون واضحا من خلال سفر أعمال الرسل وخاصة رسائل مار بولس وعرضه للثالوث ثم نأتي لإيمان الكنيسة بهذا السر العظيم وكيف دافعت عنه من خلال المجامع المسكونية ثم سنرى كيفية تعامل كنيسة اليوم مع الثالوث من خلال الليتورجيا وعلاقة الإنسان بالثالوث وشرح بسيط عن مصطلح أقنوم.
منذ بداية الأزمنة والإنسان المؤمن يرغب بشتى الوسائل التعرف إلى الله.
فهذا التعرف نابع من محبته لله الخالق وهو يريد أن يتعرف عليه ليحبه أكثر.
فخطيئة آدم وحواء هي أنهم أرادوا أن ينتقلوا من مرحلة المعرفة /المحبة إلى المساواة بالله.
ومنذ ذلك الوقت حاول الإنسان أن يتقرب من الله بواسطة الصلاة كي ينال حظوة عنده ويعرفه عن قرب إلا أن العقل البشري مهما تعمق في دراسته العلمية لن يستطيع أن يكون قريبا جدا من الله.
لكن محبة الله أعظم من البشر فقد أوحى هو بذاته للبشر في العهد القديم بمظاهر مختلفة وفي العهد الجديد بواسطة ابنه الوحيد وبواسطة الروح القدس أيضا.
ويستمر وحي الله لذاته في مسيرة الكنيسة حتى اليوم.آمــــــــــــين.