هناك الموت في علاقاتنا مع الله تعالى، بل بالحريّ موت الله في حياتنا نحن البشر.
موت الإيمان.
قضينا على الله، على كلّ ما يذكّرنا به أو يربطنا به، أو يحيلنا إليه، وأقصيناه من حياتنا، وقضينا بالتالي على البعد الروحيّ والإنسانيّ في حياتنا.
إلاّ أنّنا في يوم قيامة السيّد المسيح من بين الأموات نشعر بأنّنا أقوياء بالرغم من كلّ ضعفنا، مجدّدين إيماننا بالله وبقيامة الربّ يسوع من بين الأموات.
يشكّك البعض، كثيرين أو قليلين، بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات، والبعض ينفيها نفيًا قاطعًا ويعدّها خرافة.
صحيح، فالقيامة جمالها شديد بحيث إنّها تبدو ضربًا من الخيال. وأوّل من شكّك الرسل أنفسهم (متّى ٢٨ / ١٧ ).
(مرقس ١٥ / ١١ )، وفي مقدّمتهم توما الذي جاهر بشكّه وطلب براهين ملموسة مقنعة، بل يقول الإنجيليُّ لوقا كان عندهم كلام النسوة اللواتي بشّرنهم بقيامة يسوع “بمنزلة الهذيان” (لوقا ٢٤ / ١١ )، حتّى إنّهم، يردف لوقا، لـمّا “وقف [يسوع] هو نفسه في وسْطهم وقال لهم’السلام لكم‘ أخذهم الدهش والذّعر وظنّوا أنّه خيال”.
أجل، جمال القيامة الشديد يبعث على الشكّ بها وإنكارها.
وما صدّق الرسل وآمنوا إلاّ بعد أن رأوا وسمعوا ولمسوا يسوع القائم من بين الأموات وشاهدوا القبر الفارغ.
ولذلك استطاعوا أن يبشّروا بيسوع القائم بقوّة وجرأة وعقيدة حتّى إنّهم بذلوا حياتهم من أجله.
ولكن إن كنّا نحن لسنا معتادين أو قادرين على رؤية الجمال الشديد فلا يعني ذلك أنّ هذا الجمال غير موجود.
إنّما لكي نراه يجب أن تكون لنا عين من نوع آخر هي عين الإيمان.
وأصحاب هذه العين هم الذين سمعوا البشارة من الرسل، هم نحن الذين سبق يسوع وطوّبهم بقوله: “طوبى للذين لم يروا وآمنوا”، هم نحن الذين قال عنّا يوحنّا في إنجيل اليوم: “أمّا جميع الذين قبلوه فقد أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أبناء الله.
هم الذين آمنوا باسمه، الذين لم يولدوا من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله” (يوحنّا ١ / ١٢ - ١٣ ).
هؤلاء، ونحن منهم، قلبوا المعادلة، إذ قد صار إيمانهم، بما يرتّب من حياة إنجيليّة صافية، هو البرهانَ على القيامة وليس العكس. آمــــــــــــين.