تصادف هذا العام الذكرى السنوية الستون لنشأة برنامج المساعدات الذي عُرف باسم "التحالف من أجل الترقي". وقد أعلن عنه أولُ رئيس كاثوليكي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية جون كينيدي خلال مؤتمر عُقد في الثالث عشر من آذار مارس من العام 1961 وشارك فيه سفراء دول أمريكيا اللاتينية في واشنطن. وتبنت البرنامج في شهر آب أغسطس من العام نفسه كلُ البلدان الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية، خلال مؤتمر عُقد في Punta del Oeste بأوروغواي .
للمناسبة نشرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقالا سلطت فيه الضوء على هذه المبادرة وكتبت أن الرئيس الراحل كينيدي وخلال إطلاق البرنامج قال عنه إنه يشكل جهداً كبيراً في مجال التعاون لم يسبق له مثيل، ولفت إلى أهدافه النبيلة والتي ترمي إلى تلبية الاحتياجات الأولية لشعوب القارة الأمريكية. وأضاف أن هذا التحالف يرتكز إلى أسس متينة وجريئة ألا وهي الحق في السكن والعمل والأرض والصحة. وقد كرر هذه الكلمات باللغة الإسبانية ليقول إن الالتزام الذي تأخذه الولايات المتحدة على عاتقها في هذا المجال ليس ماليا وحسب إنما هو أيديولوجي أيضا.
وتشير صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو إلى أن البرنامج، الذي رأى فيه العديد من السياسيين والمفكرين نسخة جديدة من "خطة مارشال" يتألف من عشر نقاط، وأهمها العملُ على إنشاء صندوق للتنمية الاجتماعية في الدول المشاركة في البرنامج، هذا فضلا عن تأمين استقرار أسعار المواد الأولية، والسعي إلى تطوير سوق مشتركة في أمريكا اللاتينية. كما وعد التحالف بتطبيق إصلاح زراعي في بلدان أمريكا الجنوبية كافة، مع العلم أن البرنامج لا يتلاءم فقط مع الأهداف الأيديولوجية لإدارة الرئيس جون كينيدي، لأنه لعب دوراً مهماً في إطار الحرب الباردة التي كانت قائمة آنذاك بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ألا وهو السعي إلى إبعاد الخطر السوفيتي، في أعقاب الثورة الكوبية عام 1959.
مع ذلك لقيت هذه المبادرةُ انتقادات عدة، ومن بين المعارضين لها الكاتب الأوروغواني Eduardo Galeano الذي رأى في تلك الخطوة الأمريكية أهدافاً رأسمالية غير معلنة، وتحدث عن هذا الموضوع في كتابه الشهير "الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية". أما البروفيسور Morris H. Morley فاعتبر من جهته أن جزءا كبيرا من تمويل المشروع لم يكن مخصصا لتنفيذ برامج اجتماعية بل هدفُه بناء أجهزة عسكرية في البلدان المنتمية إلى هذا التحالف.
وتؤكد الصحيفة الفاتيكانية أنه بعد مرور ستين عاماً على هذه المبادرة التي أطلقها الرئيس كينيدي ما تزال الولايات المتحدة مستعدة اليوم للاستثمار في أمريكا اللاتينية. وهذا ما تؤكد عليه أيضا مجلة The Economist مشيرة إلى أن هذه الاستثمارات الأمريكية تعني بنوع خاص غواتيمالا، هوندوراس والسلفادور. وتشير المجلة عينها إلى أن الرئيس الجديد جو بايدن مستعد – على ما يبدو – لاستثمار حوالي مليار دولار أمريكي من أجل تحسين الحوكمة في البلدان الثلاثة واحتواء آفة الفساد. كما أن هذه الإجراءات تندرج في إطار مشروع أشمل يهدف إلى رفع التدابير المعارضة للهجرة والتي تبنّاها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي وقّع مع حكومات الدول الثلاث اتفاقا يفسح المجال أمام ترحيل مواطنيها المهاجرين والمتواجدين على التراب الأمريكي.
وتوضح صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو في ختام مقالها أن برنامج المساعدات المعروف باسم "التحالف من أجل الترقي" يبدو اليوم قديما إذ ولى عليه الزمن بعد مرور ستين عاماً على إطلاقه، لكن إذا شاءت الولايات المتحدة الأمريكية فعلا أن تستعيد سلطتها الخلقية على الصعيد العالمي ينبغي أن تبدأ بالنظر إلى ماضيها وبالاهتمام بالدول المجاورة لها.
المصدر : فاتيكان نيوز
أضغط هنا... للإنتقال إلى صفحاتنا على سوشيال ميديا