أصدر الراهب الكبوشي الإيطالي والخبير في شؤون العالم العربي ستيفانو لوكا كتابا بعنوان "أشبال داعش" يسلط فيه الضوء على الأطفال المجنّدين من قبل التنظيم الإرهابي، وعلى برنامج يرمي إلى إنقاذ هؤلاء الصغار وإعادة تأهيلهم كي يستعيدوا هويتهم ومستقبلهم.
في هذا المجلد الصادر عن دار النشر Terrasanta يتحدث المؤلف عن الخبرة التي عاشها الرهبان الكبوشيون الذين يعملون في أوضاع صعبة، لاسيما في مناطق النزاعات من أجل إعادة تأهيل الأطفال المجندين، ضحايا العنف الممارس من قبل المجموعات المسلحة والإرهابية. ويعكس الكتاب أيضا اطّلاع الراهب لوكا على العالم العربي ومعرفته للإسلام، ويتضمن ترجمة لنص فقهي معاصر، يتناول موضوع تجنيد الأطفال من قبل داعش، مع أن وثائق من هذا النوع لم تُنشر من قبل في إيطاليا.
يبدأ الكتاب بمقدمة بقلم النائب الرسولي للاتين في حلب، المطران جورج أبو خازن، الذي تحدث عن أهمية وضع برامج لإنقاذ هؤلاء الصغار مذكرا بأن ظاهرة الأطفال المجندين منتشرة جدا في أفريقيا والشرق الأوسط، وسط المجموعات الإسلامية المتطرفة والأصولية. وكتب سيادته أن هذا الأمر يولّد لدينا الخوف والرأفة في الآن معا.
ولمناسبة صدور هذا الكتاب أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع المؤلف ستيفانو لوكا الذي أوضح أن هذا العمل جاء ثمرة نشاط ملموس. وقال إنه في العام 2016، وبعد أن دعا البابا فرنسيس إلى الصلاة على نية الأطفال المجندين، أطلق الرهبان الكبوشيون برامج ترمي إلى تنشئة العاملين الرعويين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كي يستخدموا النشاطات الاجتماعية، شأن المسرح، في عملية إعادة تأهيل هؤلاء الصغار. وتم الانتقال بعدها إلى منطقة الشرق الأوسط حيث تم التعمق في العديد من الدراسات المرتبطة بالفقه القرآني وباللغة العربية والإسلام. كما تم البحث عن الأدوات المتاحة من أجل إنقاذ الأطفال المجندين من قبضة تنظيم داعش، أي الأطفال المجاهدين. ومن هنا وُلدت فكرة إعداد هذا الكتاب الذي يسلط الضوء على هذه الظاهرة وسبل التعامل معها.
بعدها انتقل إلى الحديث عن عملية تجنيد الأطفال التي تختلف بين أفريقيا والشرق الأوسط وأوضح أنه في البلدان الأفريقية ما دون الصحراء يُجند الصغار بالقوة، على يد المجموعات المسلحة التي تغزو القرى وتضرم فيها النيران وتُقدم على اختطاف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين تسع وعشر سنوات. ويُخضع هؤلاء لعملية غسل الدماغ بواسطة العنف. وأضاف لوكا قائلا إن الوضع مع داعش يختلف إذ إن عملية التجنيد لا تحصل عن طريق القوة، ولا يُسلخ الأطفال عن عائلاتهم، بل على العكس غالبا ما يَرزع فيهم الوالدون الفكر الجهادي، ويتربّون منذ ولادتهم على تفسير خاص للإسلام. وثمة عامل آخر هو المدرسة. ففي أفريقيا تُقفِل المجموعات المسلحة المدارس، أما تنظيم داعش، فعلى العكس، أقدم على فتح المدارس القرآنية، وهذا وجه من أوجه الاختلاف بين هاتين الظاهرتين في أفريقيا والشرق الأوسط.
في رد على سؤال بشأن العدد التقريبي لهؤلاء الأطفال لفت الراهب الكبوشي إلى أن المنظمات الكبرى تتحدث عن وجود ما يقارب مائتين وخمسين ألف طفل يُستخدمون للقتال خلال الصراعات المسلحة. وأضاف أن صندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف أشار في أحد التقارير إلى وجود حوالي سبعمائة أو ألف طفل وُلدوا من المقاتلين الأجانب في سورية والعراق، في ظل حكم الدولة الإسلامية. وختم الكاتب ستيفانو لوكا بالقول إن المأساة الحقيقية تتمثل في عدم التدخل لإنقاذ هؤلاء الصغار، ما يعني أنهم سيكونون مجاهدي اليوم والغد.
المصدر : فاتيكان نيوز