يعمل المرسل الإيطالي في كوريا الجنوبية الأب فنشنسو بوردو، وبالتعاون مع مئات المتطوعين، على توفير وجبة العشاء في كل مساء لأكثر من سبعمائة شخص فقير ومشرد، وبينهم أشخاص فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد 19، ويؤكد أن السواد الأعظم من هؤلاء المحتاجين ليسوا مسيحيين لكنه يخبرهم بأن يسوع نفسه كان أيضا لاجئا ومهمشا.
يدير المرسل الإيطالي مركزاً يحمل اسم "بيت حنة"، ويتواجد في مدينة Seong Nam التي تعد حوالي مليون نسمة والقريبة من العاصمة سيول. لمناسبة حلول عيد الميلاد سيُقدِّم المركز وجبة الغداء لسبعمائة فقير، فضلا عن كونه يستضيف حوالي ستين فتى مشرداً. وستُقام مأدبة الغداء في الهواء الطلق، على الرغم من البرد، لأن القيود التي فرضتها الحكومة بسبب الجائحة تمنع وجود أكثر من عشرين شخصا في مكان مغلق.
للمناسبة ومع اقتراب عيد الميلاد أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الكاهن بوردو الذي أسس "بيت حنة" في العام 1998 والذي أكد أنه على الرغم من جائحة كوفيد التي تثير قلق الكوريين مجددا، لن يقفل المركز الخيري أبوابه أمام الفقراء والمحتاجين في هذا الظرف الصعب الذي نمر به جميعاً، موضحا أن القداس الذي يقام تقليديا في زمن الميلاد ويشارك فيه المتطوعون لن يُحتفل به هذا العام، كما تقرر إلغاء الحفل الموسيقي الذي يُنظم للمناسبة لكن الفقراء لن يُحرموا من وجبة طعام ساخنة وغنية في الهواء الطلق، ظهر الخامس والعشرين من الجاري. كما أن "سانتا كلوز" أو "بابا نويل" سيقدم الهدايا لجميع الأشخاص بدون مأوى.
أضاف المرسل الإيطالي أنه يقول دوما للفقراء والمحتاجين إن ثمة ما يجمعهم مع يسوع ويوسف ومريم عندما كانوا مهمشين ولاجئين. ولذا إنهم يلقون حسن الضيافة في المركز حيث يشعرون بمحبة الله لهم، من خلال الأفعال لا الأقوال وحسب مع أن المسيحيين الذين يستفيدون من خدمات المركز ليسوا إلا قلة قليلة. وأضاف أنه وصل إلى كوريا الجنوبية لثلاثين سنة خلت وفي تلك الحقبة لم تكن كلمة "تضامن" معروفة لدى الناس. ولفت – على سبيل المثال – إلى أن رجلا مسنا ما يزال يعمل سلّمه مبلغاً جمعه على مدى سنة كاملة، يعادل ألف وخمسمائة يورو، من أجل مساعدة المسنين الأفقر منه.
في رد على سؤال بشأن ما سيقوله للمحتاجين عن عيد الميلاد قال الأب بوردو الذي نال في العام 2014، أي السنة التي زار فيها البابا فرنسيس سيول، الجائزة المعروفة باسم Ho-Am تقديراً على أعمال المحبة التي يقوم بها، (قال) إنه سينقل لهؤلاء ما يعيشه هو شخصيا. وسيوضح لهم أن الميلاد هو زمن الضيافة، مذكراً بأن الرب يسوع لم يلقَ القبول في الميلاد، ولم يجد مكانا يقيم فيه، وهكذا إن الأشخاص المشردين ومن هم بدون مأوى يباتون في الشارع إذ لا يجدون الضيافة ومكاناً يقيمون فيه، إنهم الفقراء والمهمشون واللاجئون، الذين هم على غرار يسوع. لذا إن المتطوعين يؤكدون للفقراء أنهم محبوبون من الله، ويفعلون ذلك ليس من خلال الكلام وحسب لكن أيضا بواسطة الأقوال ونمط عيشهم.
في سياق حديثه عن جائحة كوفيد 19 قال الأب بوردو إن ثمة خطر أن تطلب منه السلطات إقفال مركز "بيت حنة"، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه من غير المعقول أن يحصل هذا الأمر لأنه يعني أن مئات المشردين والفقراء سيُحرمون من وجبات الطعام. وقال على سبيل المثال إن السلطات يمكن أن تقفل النوادي الرياضية لأن الأشخاص يستطيعون أن يمارسوا الرياضة في البيت، وهذا الأمر ينطبق على المسارح والكنائس لأن الناس قادرون على مشاهدة التلفاز أو الصلاة في المنازل، لكن لا يمكن أن يُحرم الشخص الجائع من الطعام. وإذا اتخذت السلطات قرارا من هذا النوع يعني أنها ستحكم على مئات الأشخاص بالجوع، كما ستترتب على هذا الأمر مشاكل صحية. في ختام حديثه قال الأب بوردو: إن الرب سيساعدنا ونحن عازمون على متابعة نشاطنا ولن نتخلى عن هؤلاء الأصدقاء الذين هم عائلتنا.
المصدر : فاتيكان نيوز