في أعقاب النداء الذي أطلقه البابا فرنسيس يوم الأحد الفائت بعد تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السماء" على أثر غرق مائة وثلاثين مهاجراً في البحر الأبيض المتوسط نظمت جماعة سانت إيجيديو الكاثوليكية أمسية صلاة في روما على نية هؤلاء الضحايا: مبادرةٌ لم تقتصر فقط على إيطاليا إذ تكررت في عدد من الدول الأوروبية، في وقت طالبت فيه الجماعة الاتحاد الأوروبي بالسعي إلى إنقاذ المهاجرين في البحر والعمل على فتح ممرات إنسانية.
وقد ضمت جماعة سانت إيجيديو صوتها إلى صوت منظمات المجتمع المدني التي نددت بصمت المؤسسات الأوروبية حيال هذه المآسي المتكررة في البحر المتوسط، ودعت رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي إلى اتخاذ التدابير اللازمة بغية الحيلولة دون تكرار الحادث الذي وقع في الثاني والعشرين من الجاري، عندما انقلب زورق يُقل مهاجرين غير شرعيين، بسبب الأمواج العاتية.
واعتبرت المنظمات أن تفادي هذه المأساة "كان ممكناً على الأرجح"، مذكرة بأنه منذ العام 2014، غرق أو فُقد أكثر من عشرين ألف رجل وامرأة وطفل في وسط البحر المتوسط. وبعد أن أطلق البابا نداءه يوم الأحد الفائت داعيا للصلاة على نية الضحايا، ذكّر مجلس أساقفة صقلية، في بيان حمل توقيع أسقف أبرشية نوتو المطران أنتونيو ستاليانو، بأن إنقاذ الأشخاص في البحر واجب لا يقبل التخاذل.
إزاء استمرار سقوط الضحايا في البحر شاءت جماعة سانت إيجيديو أن تنظم أمسية صلاة في بازيليك القديسة مريم في تراستيفيريه بروما بشكل متزامن مع مدن إيطالية وعواصم أوروبية حيث تتواجد الجماعة. وللمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع رئيس الجماعة الكاثوليكية السيد ماركو إيمبالياتسو الذي عبّر عن حزنه وأسفه الشديدين إزاء تجدد حوادث غرق المهاجرين في البحر المتوسط، وقال إنه لم توجد لغاية اليوم حلول ناجعة لهذه المشكلة الخطيرة، لافتا إلى أن هذه المآسي لا تقتصر على البحر المتوسط، في إشارة إلى حادث الغرق الذي وقع في بحر الكاراييب وأدى إلى غرق شخصين على الأقل وفقدان خمسة عشر آخرين من أصل أربعة وعشرين مهاجراً فنزويلياً حاولوا بلوغ جزيرة ترينيداد وتوباغو.
أضاف السيد إيبمالياتسو أن المشكلة تكمن في إقفال الحدود بين الدول ما يعني أن الطرق الشرعية للهجرة باتت شبه معدومة. وهذه المشكلة الخطيرة – مضى يقول – تعني الاتحاد الأوروبي كلَّه وجميع البلدان الأوروبية منفردة. فمن هذا المنطلق تطالب جماعة سانت إيجيديو بإيجاد طرق قانونية للهجرة، لأن بناء الجدران لن يضع حدا لهذه الظاهرة. وذكّر بأن الأوروبيين أسندوا مهمة المراقبة لخفر السواحل الليبي، وأوقفوا مهام البحث والإنقاذ، وقال: لا بد أن نتوجه بالشكر إلى عدد من المنظمات غير الحكومية التي أخذت هذه المهام على عاتقها، على الرغم من كل الرياح المعادية، وهنا لا نتحدث عن الرياح الطبيعية بل عن تلك السياسية.
تابع رئيس جماعة سانت إيجيديو حديثه لموقعنا الإلكتروني لافتا إلى أن الحل الوحيد على المدى المنظور يكمن في فتح الممرات الإنسانية، وهو برنامج نموذجي تقوم به الجماعة الكاثوليكية منذ فترة بالتعاون مع هيئة كاريتاس الإيطالية والكنائس الإنجيلية في إيطاليا. وأوضح أن فرنسا فتحت أيضا ممرات إنسانية من هذا النوع، بموجب بروتوكول تم التوقيع عليه بين الحكومة الفرنسية وجماعة سانت إيجيديو. وقال إن هذه هي إحدى السبل الشرعية والقانونية، ونطالب كل بلد أوروبي باتّباعها، كما لا بد أن يُعاد النظر في إجراءاتِ لمِّ شمل العائلات، لأنها صارمة جداً اليوم.
ولم تخلُ كلمات إيمبالياتسو من الإشارة إلى نداء البابا، لافتا إلى أن فرنسيس وجّه النداء انطلاقاً من خبرته الشخصية والتزامه الشخصي، مذكراً بأن أول زيارة له خارج روما بعد انتخابه كانت إلى جزيرة لامبدوزا الإيطالية، كما زار جزيرة لسبوس اليونانية وشاء أن يحلّ بعض المهاجرين ضيوفاً عنده في روما وشجع كل الرعايا والجمعيات الرهبانية والحركات والجماعات على الاهتمام بهذه المشكلة.
المصدر : فاتيكان نيوز