التغلّب على الإرهاب من خلال المحبة والحوار. هذا هو الرد الذي يود أن يقدّمه "مركز أستالي" إزاء الارتفاع المقلق لعدد الهجمات الإرهابية في العالم، مع الأخذ في عين الاعتبار المخاوف التي عبّر عنها البابا فرنسيس.
ولم يخفِ البابا قلقَه المتزايد حيال انتشار العمليات الإرهابية وأعمال العنف على نطاق واسع في العالم، وكان آخرَها الهجومُ الإرهابي الذي تعرضت له هذا الأسبوع العاصمة النمساوية فينا، بعد الاعتداءات التي شهدتها فرنسا. وقد عبر "مركز أستالي" الذي يُعتبر المقرّ الإيطالي للخدمة اليسوعية من أجل اللاجئين، عبر عن قلقه أيضا إزاء ما حصل في مدينتي فينا ونيس وأيضا في أفغانستان وأثيوبيا ونيجيريا حيث حصد الإرهاب عددا من الضحايا. وخلال مقابلته العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء الفائت قال البابا فرنسيس إنه يعبّر عن قربه الروحي من جميع الأشخاص المتألمين نتيجة هذه الأحداث المقيتة، والتي تُعرِّض للخطر التعاونَ الأخوي بين الديانات، من خلال العنف والحقد.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع رئيس "مركز أستالي" الأب كاميلو ريبامونتي، الذي أكد أن كلمات فرنسيس خلال مقابلة الأربعاء العامة تندرج في سياق العديد من المداخلات التي تطرق فيها إلى هذا الموضوع. وقال إنه يفكر بنوع خاص بالوثيقة حول الأخوة الإنسانية التي وقّعها البابا مع إمام الأزهر أحمد الطيب في الإمارات العربية المتحدة في شباط فبراير من العام الماضي، فضلا عن الرسالة العامة الأخيرة "فراتيلي توتّي" التي أكد فيها أن الإرهاب والعنف ليسا ثمرة إيمان صادق بالله، بل إنهما تفسيرٌ مشوه لهذا الإيمان. وأضاف ريبامونتي أن فكره يتجه أيضا إلى الصلاة على نية السلام في العالم والتي نُظمت الشهر الماضي في الكابيتول بروما، وشارك فيها ممثلون عن مختلف الديانات صلوا جنباً إلى جنب على نية تحقيق السلام في العالم.
في تعليق على التغريدة التي كتبها البابا فرنسيس في أعقاب هجوم فينا، مؤكداً فيها أن المحبة وحدها تُطفئ شعلة الحقد، قال رئيس "مركز أستالي" إن القديس أغناطيوس كان يشدد على أن المحبة يُعبَّر عنها بالأفعال. لذا من الأهمية بمكان أن نعمل اليوم على بناء عالم ينعم بالسلام، وذلك من خلال القيام بأفعال تُعبِّر عن هذه المحبة وترمي إلى بناء مجتمع مختلف. هذه هي الدرب الملموسة التي تقود إلى بناء السلام، وهذا الأمر يتطلب اشتمال الآخر وفهمَه، وعيشَ التسامح. ويتطلب أيضا أن ينطلق منا شخصيا الاحترامُ تجاه الشخص المختلف.
في ردّ على سؤال حول المسببات الكامنة وراء الهجمات الإرهابية، لاسيما في أفغانستان وأثيوبيا، والتي لم توفّر الأطفال، أكد الكاهن اليسوعي ريبامونتي أنه عندما تكون الكلمة الأخيرة للمصالح والعنف يدفع الثمنَ الأشخاصُ العزل. والأطفالُ يشكلون رمزاً لهذه البراءة، ولهذه الهشاشة أمام من يمارسون العنف. هؤلاء الأطفال يحاكون ضمائرنا اليوم، ويحدثوننا عن ضرورة العودة إلى المعنى الحقيقي للبشرية التي تعانق العالم، ولا تتخلى عن الأشخاص الضعفاء.
في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني تطرق رئيس "مركز أستالي" إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الحوار بين الأديان من أجل بناء مجتمع وعالم أكثر سلما. وقال إن هذا الحوار يشكل أداة بالغة الأهمية، لافتا إلى أن البابا فرنسيس يوليه اهتماما كبيراً، كما يشدد على ضرورة التلاقي مع الآخر والاعتراف به كأخ لا بد من التحاور معه. وأضاف ريبامونتي أن الديانات تستند إلى القيم الإنسانية التي تساعد على بناء عالم أفضل، وهي تشكل الدرب التي تقود إلى مستقبل سلام وأخوّة، خصوصا وأننا نعيش اليوم في مجتمعات يتواجد فيها أشخاص من ثقافات وديانات مختلفة، ما يتطلب معرفة وتفاهماً متبادلَين.
المصدر : فاتيكان نيوز