إذ إنتهت الحرب العالميَّة الأولى، وهدأ الجو في أوروبا قام مايكل وأسرته بزيارة إلى بلجيكا في بدء فصل الربيع.
بعد يومين خرج مايكل وزوجته وإبنه مارك إلى خارج المدينة على بعد عدَّة أميال من الفندق، حيث توجد طرق قد إمتلأت بالمدافع والدبَّابات وسيارات عسكريَّة وغيرها مِمَّا تركه الألمان من أدوات بعد إنسحابهم العسكري من المنطقة.
كانت الشمس ساطعة، والجو رائع، والرياح هادئة تمامًا، أو تكاد تكون غير موجودة.
وكان مارك يسأل والده عن الأدوات العسكريَّة ولماذا تركها الألمان عند إنسحابهم العسكري؟
قال مايكل :
"لم يهتمّ الألمان بهذه البقايا من الأدوات العسكريَّة، فإنَّها لا تساوي شيئًا أمام الملايين من البشر الَّذين قُتلوا في الحرب، وما حلّ بالبلاد من خراب ودمار.
إنَّ حياة الإنسان أثمن بكثير من كلّ ما في العالم".
سأل مارك :
"ولماذا يتحارب البشر، ويقتلون بعضهم البعض؟"
بينما كانا يتحدثان معًا إذا بأوراق الشجر الجافَّة الميتة تتساقط تارة على رأسه، وأخرى على ثيابه.
سأل مارك والده :
"إنَّ الجو جميل، والشمس ساطعة، ولا توجد رياح، فلماذا تتساقط هذه الأوراق جافَّة وميتة؟ إننا في بدء فصل الربيع حيث تُزهر الأشجار!"
أجاب مايكل :
"هذه الأوراق قد ماتت بسبب صقيع الشتاء، وفقدت إتِّصالها الخفيّ بالفروع والأصل... الآن إذ بدأ الربيع لم تظهر بعد الفروع الجديدة ولا الأزهار، بل تتكوَّن البراعم الصغيرة الَّتي قد لا نراها بالعين المجرَّدة في بداية ظهورها.
ببزوغها تتساقط الأوراق الميتة.
فالأوراق لا تتساقط بسبب الشمس ولا الرياح بل بفعل الحياة الخفيَّة التي تظهر خلال البراعم الجديدة".
هزَّ مارك رأسه وهو يقول :
إذن الحياة ولو كانت خفيَّة في برعم صغير هي أقوى من الموت".
قال مايكل :
"نعم يا مارك.. هذه هي خبرتنا اليوميَّة مع مسيحنا القائم من الأموات.
فمع كل صباح إذ نذكر قيامتنا مع مسيحنا تهتزُّ أوراق شجرتنا الجافَّة الَّتي لإنساننا العتيق مع بزوغ أعمال الإنسان الجديد الَّذي يعمل على الدوام.
تنهار خطايانا مهما بدت عنيفة ومتأصِّلة فإنها ليست من طبيعتنا الأصليَّة بل دخلت علينا.
عوض أن ننشغل بالخلاص من الأوراق الجافَّة الميتة لنهتمُّ بالبراعم الحيَّة الجديدة، بظهورها تسقط الأوراق الميتة.
إن تطلَّعنا إلى الحياة المقامة الجديدة الَّتي صارت لنا في المسيح يسوع لن نتحارب قط".