طالب يدرس في سويسرا ويسكن في غرفة عند إمرأة عمرها ٦٧ سنة .. تلك المرأة كانت معلِّمة قبل تقاعدها والآن تستلم راتب تقاعد مجزي.
لكنَّها تذهب للعمل مرَّتين في الأسبوع، عملها كان لرعاية مسنّ عمره ٨٧ سنة.
أبدى الشَّاب إمتنانه مِمَّا تفعل وسألها إن كانت تعمل لكسب المال.. فقالت له إنَّها لا تعمل لأجل المال بل لتكسب الوقت !
وأنَّها تُودِع لنفسها وقتاً في بنك توفير الوقت أو بنك الزمن.
وهي بعملها ذلك تُودِع الزمن لكي تستطيع الصرف منه عندما تحتاج له بعد تقدُّم السنّ أو عندما تُصاب بحادث وتحتاج من يساعدها.
يقول الطالب إنَّها المرَّة الأولى الَّتي أسمع فيها عن بنك الوقت فسألها عن معلومات أكثر عن ذلك البنك.
فقالت له : إنَّ الحكومة السويسريَّة أنشأت ذلك البنك كضمان إجتماعي للناس حيث يفتح كلّ راغب في الإشتراك فيه حساب زمن.
بحيث يحسب له الزمن الَّذي يقضيه في الخدمة الإجتماعيَّة خصوصاً خدمة المسنِّين والمرضى الَّذين لا يوجد لهم من يرعاهم أو يساعدهم من عوائلهم.
يشترط على المشترك أن يكون سليماً صحِّيًّا وقادراً على العطاء والتواصل مع الآخرين والتحمُّل وراغباً في تقديم الخدمات بنفس راضية وإخلاص.
عندما يحتاج الشخص مساعدة يرسل له البنك شخصاً مُتطوِّعاً مِمَّن إشتركوا في البنك ليخدمه ويخصم الوقت من حسابه.
الخدمات الَّتي يقدِّمها المتطوِّع إمَّا تُقدِّم للمحتاج في المستشفى أو في البيت كأن يرافق المحتاج للتسوُّق أو للتمشية أو لمساعدته في تنظيف منزله.
في أحد الأيَّام إحتاجت تلك المرأة للمساعدة عندما سقطت أثناء تنظيف نافذتها وكسرت كاحل قدمها وإضطرَّت للبقاء في السرير عدَّة أيَّام.
أراد الطالب تقديم إجازة إضطراريَّة لمساعدتها لكنَّها قالت له أنَّها لا تحتاج مساعدته لأنَّها تقدَّمت بطلب سحب من رصيدها في البنك وأنَّهم سَيُرسِلون لها من يساعدها.
جاء المساعد الَّذي عيَّنه البنك وكان يرعاها و يتحدَّثُ معها و يرافقها ويقضي لها حاجيَّاتها من السوق.
وأرسل لها البنك مُمَرِّضة عندما إحتاجت لذلك.
بعد أن تعافت من الكسر عادت للعمل مرَّتين في الأسبوع لتعويض ما خسرته من وقت في البنك.
وهكذا يعمل بنك الوقت.
الشعب السويسري يؤيِّد ذلك البنك ويدعمه لأنَّهم لمسوا فوائده على المجتمع.
بإختصار ذلك البنك وجد لتبادل أو مقايضة خدمات إجتماعيَّة بدلاً من تبادل أموال.
والخدمة تدخل في باب المصلحة.
فكرة جميلة جدًّا ومفيدة ويمكن تطبيقها في كلِّ مجتمعٍ من المجتمعات لكنَّها تتطلَّب إنضباطاً وإحساس بالمسؤوليَّة وإخلاصاً في أداء العمل.. وثقافة إنسانيَّة عالية.
«لا تنظروا كلّ واحد إلى ما هو لنفسه ،بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضاً» ( فيلبي ٢:٤)