صاعقة إنقضَّت على صومعة عنّايا !!! أُغمِيَ على الرهبان ومار شربل إنخطف بالله !
صاعقة إنقضَّت على صومعة عنّايا !!! أُغمِيَ على الرهبان ومار شربل إنخطف بالله !
23 Jun
23Jun
ما كانت تقشُّفات الأب شربل جميعاً لتصدّه عن مهمّته الجوهريَّة وهدفه الأمثل :
التأمُّل العقلي ومناجاة الله في خلوة الباطن.
هو إنسان مولَع بالتأمُّل في كمالات الله وحقائق الأزل.
هو راهب يبتغي الكمال، فيروح يرسم في نفسه صورة المسيح، بإنتباه المُصوِّر الماهر المُتروِّي المُطيل النظر.
هو حبيس ليتحدَّث بالحكمة في عقله، يستحضر الله ليشكره ويُمجِّده ويلتمس منه، بتواضع ونشاط وإحترام، أن تكمل مشيئته على الأرض كما في السماء.
إتِّحاد بالله مستمرّ بلغ به إلى ما يسمّيه آباء الروح “السهوَ بالله” أو الإختطاف به إختطافاً كاد يرتفع عن الشعور بالمرئيَّات وأحداث الزمن.
لكأنَّه أصبح، كما نقول في الصلاة، إنساناً غير هيولي.
"كنت تظنّه، شهد الأخ الياس المهريني، عائشاً في عالم الأبد !"
ربَّما تشرَّب حضور الله إحساس هذا الناسك كما تتشرَّب الظهيرة قطرات الأنداء أو كما تغيب الخمرة إنتباه نشوان تجاوز حدود الثمل.
نحن في شهر كانون الثاني آونة ترى صومعة عنّايا تتألَّقُ في مجدٍ من البروق والرعود.
هُوَّذا الأب شربل ساجد في الكنيسة، غارق في تأمُّله أمام القربان الأقدس، عندما تنقضُّ صاعقة بلهاء على الكنيسة فتحدث فجوة في السطح، وتهدم زاوية المذبح مجتازةً إلى الخارج، محرقة ذيل ثوب الحبيس.
ما باله لم يتزحزح؟
ما زال مُمعناً في صلاته لا يبالي.
بينما رفيقاه، الأب مكاريوس والأخ نعمة الله، قد أُُغمِيَ عليهما لشدَّة رائحة غريبة نشرتها الصاعقة.
وينتبه الأب مكاريوس مُسرعاً إلى الكنيسة ليرى ما حلَّ بالأب شربل.
ولدى ولوجه هتف مدهوشاً :
– يا حسرتي، نهدّ المدبح!
– يه يه ! صرخ الأخ فرنسيس، قولك بونا شربل بو شي؟
الدخان طالع منو، ومش عم يتحرَّك!
وإذا بالأب شربل يستفيق كمنْ حلم عميق.
إنقضاض الصاعقة كان لديه أشبه بصوت جرس قديم يدقّ نصف الليل، فيدغدغ آذان الملهمين كأنَّه نسيم المساء البليل على المروج الخضراء.
كان حبيسنا قد بلغ إلى الحالة النفسانيَّة الَّتي يسمّيها صوفِيّو التنسُّك "الثيوريا"، حيثُ يصمت القلب وتهدأ الأفكار، مسغرقةً في لاوعيٍ ذاتيٍّ، هو تمام الوعي، يجعل الإنسان أشبه بالروح المجرَّدة منه بكائن ذي جسد من تراب.