هي إيطاليَّة الأصل، مصريَّة المولد، وُلِدَت عام ١٩٣٤ م.
رحلت من القاهرة عام ١٩٥٥ م لتصل إلى عاصمة الفن باريس، فبدأت وإنطلقت، ووصلت إلى قمَّة المجد والشهرة، وأصبح عشَّاقها يُقَدَّرون بالملايين في كلِّ أنحاء العالم.
وتمَّ إصدار ٨٥ مليون أسطوانة لأغانيها، ونجحت في أن تغنّي بعشر لغَّات بالفرنسيَّة والعربيَّة واليونانيَّة والألمانيَّة والإنجليزيَّة واليابانيَّة والهولنديَّة، ورغم كلّ ذلك إنتهت حياتها بالإنتحار!
تُرَى لماذا؟
لقد حقَّقَت داليدا نجاحاً كبيراً، ولكن كان في قلبها فراغ أكبر، وكان الإنتحار يطاردها في كلِّ خطوة من خطواتها.
ظنَّت داليدا أنَّ هذا الفراغ الكبير يمكن أن يملأه الحب، فأحبَّت مكتشفها لوسيان موريس وأحبَّها، وتزوَّجا بعد قصَّة حبّ طويلة، ولكن لم يدم زواجها أكثر من ستَّة أشهر وإنتهى بالطلاق.
ثمَّ أحبَّت مُطرباً إيطاليًّا شابًّا بعد ذلك هو لويجي تنكو، ثمّ أحبَّت الكونت دي سان جيرمان وإستمرَّت علاقتهما ٨ سنوات، ثمّ إفترقا عام ١٩٨٠ م.
وظلَّت داليدا طوال سنوات عمرها في فقدان للأمان، وجوع وعطش إلى السلام والغفران.
سألها أحد الكُتَّاب الكبار قُبَيل إنتحارها بأسابيع :
كم هي سعادتك الآن وقد حقَّقتِ ذاتكِ الَّتي كنتِ تحلمين بها؟
فأجابت وتعاسة الدنيا في عينيها :
"ما قيمة أن يحقِّق الإنسان نجاحاً في حياته العامَّة ويفشل في حياته الخاصَّة، إنَّ الحياة الخاصَّة هي ما يتبقَّى لي بعد أن ينتهي الحفل ويعود الجمهور إلى بيته".
وأنهت حياتها بالإنتحار وعمرها ٥٣ سنة، عبر أخذ جرعة زائدة من الباربيتورات.
وقد تركت عبارة صغيرة تقول فيها :
"سامحوني لقد أصبحت حياتي لا تُطَاق".
إنَّ المال لم يحقِّق لها السعادة، والجمهور الغفير الَّذي كان يُصفِّق لها لم يمنحها سلام الضمير، والجمال لم يعطها الشعور بالأمان، وظلَّت تعاني من الشعور بالوحدة والفراغ إلى أن إنتحرت.
أعزَّائي...
إنَّ المناصب والشهرة بدون رضى الله عليك وعلى أفعالك لن تشبع القلب، ومهما وصلت إلى مناصب أو شهرة بدون سلام مع الله ستعيش في فراغ وضياع.
بعيداً عن الله يعيش الإنسان في فراغ وضياع وغياب للمعنى، حتَّى لو كان يبدو عكس ذلك.