"لماذا لا يسمح الله لنا بالأفكار الَّتي تبعث لذَّة جسديَّة؟ إنَّها لا تضرُّ أحداً ! إنَّني لا أستطيع أن أنام ما لم تمرّ بي الأفكار، ولو إلى بضع دقائق؟ ما هي مضار الأفكار الجسديَّة إن كانت لا تتحوَّل إلى ممارسة خاطئة؟"
إلى مثل هذا الشاب أروي القصَّة التالية :
في فصل الربيع إذ أزهرت الأشجار، وفاحت الروائح الجميلة وسط الحقول، إنطلقت نحلة إلى الحقل المجاور؛ كانت تبسط جناحيها لتطير في كمال الحريَّة من زهرة إلى زهرة.
كان المنظر جميلاً للغاية، والرائحة جذَّابة، أمَّا هي فكانت تجمع الرحيق بإجتهادٍ وتحمله إلى الخلايا، لتعود فتنقل غيره.
قضت أيَّاماً كثيرة تجمع الرحيق بفرحٍ حتَّى صارت كميَّة العسل ليست قليلة.
في أحد الأيَّام وجدت النحلة كميَّة عسل في وعاء فوقفت تتأمَّله :
ما أعذب هذا العسل الَّذي جمعته، ولكن لماذا أطير بعد لأجمع غيره؟! لأتمتَّع بالعسل وأعيش فيه.
ألقت النحلة بنفسها وسط العسل، فغاصت فيه... ولم تعد قادرة على الخروج منه، ولا الطيران بين الزهور، بل سرعان ما ماتت في وسط العسل!
عزيزي القارئ...
هذه ليست قصَّة خياليَّة، بل هي قصَّة الكثيرين، عوض أن يحملوا الفكر الحرّ الَّذي يطير بالروح ليجمع الرحيق العذب، يسقط تحت لذَّة الشهوات فيفقد الفكر حريَّته وإتِّزانه وسموّه ليغوص في شهوات قاتلة للنفس!
وهبك الله الفكر لكي يسمو بك ويرفعك إلى لذَّة السماويَّات، لا لكي تغوص في عسل الشهوات فيتحطَّم ويُحطِّم الحياة الَّتي في داخلك!
أشكركَ يا من وهبتني عطيَّة الفكر، وقدَّمتَ لي روحكَ جناحين تطير بها أفكاري.