HTML مخصص
31 Dec
31Dec

المقصود هنا بالتنجيم Astrology هو التنبّؤ بحوادث مُعيَّنة في حياة الإنسان بناءً على حسابات خاصَّة مرتبطة بتاريخ ميلاد الإنسان و بإرتباط هذا التاريخ بالأبراج الفلكيَّة و سواها.

في الأرثوذكسيَّة الإنسان ذو قيمة عظيمة في قلب اللـه ، و قد خُلِقَ على صورته و مثال. 

حياة الإنسان مرتبطة بعلاقته مع اللـه و هذه العلاقة هي الَّتي تُحدِّد درجة إمتلاء الإنسان من روح اللـه بحسب درجة مطاوعة الإرادة البشريَّة للإرادة الإلهيَّة ، بمقدار ما يكون الإنسان إلهيًّا في حياته بمقدار ما يكون بشريًّا ، لأنَّ غاية الخلق هي الإتِّحاد باللـه و التألُّه به بمقدار ما هو ممكن للإنسان.


التنجيم يفترض أمرين.

الأوَّل : إنَّ موقع النجوم عند ولادة إنسان يُسيطر على مصير هذا الإنسان ، على شخصيَّته ، على ما سيحدث له ، إلخ ...

الثاني : إنَّ الإنسان خاضع لهذا المصير و لا يمكن له أن ينجو منه.

و هذا يعني أنَّ التنجيم يفترض أنَّ الإنسان ليس سيِّد نفسه و سيِّد مصيره ، بل هو خاضع و مُسيَّر بطريقة عمياء لقَدَره بناءً على تاريخ ميلاده.

من هنا يمكن الإستنتاج أنَّ التنجيم ينكر عناية اللـه بالإنسان ، و يستبدل العناية الإلهيَّة بقَدَرٍ أعمى ، الأمر الَّذي يُحوِّل الإنسان إلى مُجرَّد دُمية في يد القدر الأعمى ، مُتنكِّراً لدور الروح و الإرادة البشريَّة الحرَّة و لدور العناية الإلهيَّة في صنع المصير البشريّ.

و بالتالي يجعل الإنسان رافِضاً عملِيًّا ذبيحة الصليب الخلاصيَّة الَّتي تعمل على خلاص الإنسان و تقديسه و تأليهه.

لهذا فالإيمان بالتنجيم يُشكِّك الإيمان بالعناية الإلهيَّة ، و لأنَّه لا توجد صلة بين النجوم و حياة الإنسان الروحيَّة و لا توجد علاقة علميَّة بينهما كسبب و مُسبِّب و علّة و معلول.

النجوم مادَّة و الإنسان شخص روحي : عالمان على طرفيّ نقيض.

يقول القدّيس يوحنّا الدمشقي : 

"إذا كُنّا نعمل أعمالنا كلّها بدافع من النجوم.

نكون نعمل عن إضطرار.

و ما كان عن إضطرار فليس هو بفضيلة أو برذيلة.

و إذا لم تقتنِ فضيلة ولا رذيلة ، فلسنا نستحق ثواباً و لا عقاباً". 

( الإيمان الأرثوذكسي ٢ : ٧)


الكنيسة منذ بدايتها ربطت التنجيم بالوثنيَّة و إعتبرته شكلاً من أشكالها.

ففي "وثيقة الإثني عشر " – من القرن الثاني الميلادي – يقول الكاتب :

"يا بني لا تكن مُنجِّماً فتنقاد إلى عبادة الوثن، إحترس من الرُقى و من حسابات المُنجِّمين و من الشعوذات التطهيريَّة، أرفض رؤيتهم و سماعهم ، لأنَّه من هذه الأمور تولد عبادة الوثن".

أيضاً القانون ٣٥ من مجمع اللاذقيَّة دان التنجيم.

و بين آباء الكنيسة الَّذين دانوا التنجيم نذكر القدّيسين يوحنا الذهبيّ الفم ، غريغوريوس اللاهوتي ، و باسيليوس الكبير.

"لِيَقِفْ قَاسِمُو السَّمَاءِ الرَّاصِدُونَ النُّجُومَ، الْمُعَرِّفُونَ عِنْدَ رُؤُوسِ الشُّهُورِ، وَيُخَلِّصُوكِ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْكِ. هَا إِنَّهُمْ قَدْ صَارُوا كَالْقَشِّ. أَحْرَقَتْهُمُ النَّارُ. لاَ يُنَجُّونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ يَدِ اللَّهِيبِ."

(إشعياء ٤٧: ١٣-١٤)

Taxi Pro Max ads
تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.