حوالي عام ١٧٥٣ إذ إشتعلت نيران الحرب بين الإنكليز والفرنسيّين في الهند، إنحاز الهنود إلى جانب الفرنسيِّين.
وفي إحدى الليالي هاجم مجموعة من الهنود أسرة فقيرة قادمة من ألمانيا، ولم تكن الأم ولا الإبن الأكبر في البيت.
قتل الهنود الرجل، وسبوا طفلتيه بربارا البالغة العاشرة من عمرها وروجينا البالغة التاسعة من عمرها مع مجموعة من الأطفال.
ولم يُعرف أين إنطلقوا ببربارا، لكنَّهم سلَّموا روجينا لأرملة عجوز كانت قاسية للغاية أساءت معاملتها جدًّا وأذلَّتها.
كانت روجينا تُردِّد ترنيمة تعلَّمتها من والدتها :
"وحدي أنا، لكنَّني لستُ وحدي، بقربي أنت في عزلتي هذه، مُخلِّصي دائمًا بقربي، في لحظات الضيق يهبني الفرح.
إنِّي معه ،و هو معي! حتّى هنا لا أستطيع أن أبقى وحدي بدونه !"
كانت روجينا تصلِّي صباحًا ومساءًا، وتحاول ترديد ما حفظته عن ظهر قلب من آيات من الكتاب المقدّس، ووجدت تعزيتها في عبارات الكتاب المقدّس ووعود الله الصادقة وفي الترنيمة الَّتي تعلَّمتها من أمِّها.
لم يفارقها منظر كنيستها وبيتها وأصدقائها، وكانت بإيمان تترجّى أن تعود.. رجاؤها لم ينقطع قطّ عنها.
وفي عام ١٧٦٤ حيث كانت روجينا قد بلغت التاسعة عشرة من عمرها إكتشف أحد القادة العسكريّين الإنكليز معسكر الهنود، وإنقضّ عليه، وحرَّر أكثر من ٤٠٠ شخصًا كان قد سباهم الهنود، وجاء بهم إلى مدينة Carlisle.
إنتشر الخبر وجاءت الأمَّهات إلى المدينة، يترجَّين أن يجدنَ أطفالهُنَّ المسبيِّين.
ولم يكن الأمر سهلًا على كثيرات منهنَّ أن يتعرَّفن على أطفالهنَّ، فقد نسى الأطفال لغّتهم، وتغيَّر شكلهم.
كانت أمّ روجينا تسير بين المسبيّين المُتحرِّرين لعلَّها تلمح بربارا وروجينا، وإذ لم تستطع صارت تبكي بمرارة.
عبثًا حاول المسؤولون أن يعزّوها.
وأخيرًا قال لها أحدهم :
"هل تذكرين شيئًا به تكتشفين إبنتيكِ؟"
أجابت كل ما أذكره أنَّنا كنَّا نُرنِّم معًا ترنيمة :
"وحدي أنا لكنَّني لستُ وحدي".
طلب منها المسؤول أن تقف وسط المتحرِّرين وتُغنِّي ذات الترنيمة.
وبالفعل وقفت الأمّ تُرنِّم، وإذا بها تجد فتاة تجري نحوها وتشاركها ذات الترنيمة.
إرتمت الأمّ على عنق روجينا، وصارت تُقبِّلها.
لقد إلتقيا معًا بالحبّ وروح الوحدة خلال وعود الله الصادقة والإيمان الحيّ الصادر عن قلبيهما معًا!
عادت الأم إلى بيتها ومعها إبنتها المفقودة منذ عشرة سنوات، وكانت تردِّد في قلبها كلمات الرسول بولس :
"وإنَّك منذ الطفوليَّة تعرف الكتب المقدّسة القادرة أن تُحكِّمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع"