ℹ️ الهدف من نشر القصص حتّى نتعلّم من أخطاء الآخرين ونتوب عن خطايانا
عاشت ماريا، هذه الأرملة الشابّة، في إحدى قرى البرازيل.
توفّى زوجها وهو في ريعان شبابه، تاركاً لها طفلة إسمها كرستينا.
كانت هذه الأرملة الشابّة وإبنتها، يسكنان في غرفة متواضعة.
فكانت هذه الأم تعمل في تنظيف البيوت، رافضة كلّ عروض الزواج التي قُدِّمت لها، إذ كان جُلّ همّها أن تعمل بجدٍّ ونشاط لكي تعيل نفسها وإبنتها كرستينا.
مرّت الأعوام، وكبرت كرستينا وأصبحت شابّة جميلة جدًّا، ذات روح خفيفة وإبتسامة جذَّابة.
حام حولها الشباب بكثرة، لكنّها لم تبالِ بأيّ منهم، بل كانت تتكلّم بإستمرار عن حلمها أن تذهب وتعيش في المدينة الكبيرة ريو دى جانيرو Rio de Janeiro.
كانت الأم في قلق مستمرّ من هذا الأمر، وكانت تقول لإبنتها :
"يا حبيبتي، ماذا ستفعلين هناك؟ فأنتِ لا تعرفين أحداً، فيترصّد لك رجال السوء، ويعاملونكِ بقساوة، ليسلبوكِ شبابكِ، ويتركونكِ عندما لا ينتفعون منكِ".
كان قلب تلك الأم يفيض بالخوف على إبنتها، لأنَّها علمت شرور تلك المدينة، وما قد يحدث لإبنتها هناك.
ذات يوم، عادت الأم، لتجد سرير إبنتها فارغًا، وخزائنها كذلك.
فلا شكّ بأنّ إبنتها، رحلت إلى تلك المدينة الغريبة.
أسرعت تلك الأم، ووضعت بعض الثياب في حقيبة صغيرة، وهي تجري إلى محطّة القطار والدموع تملأ عينيها.
إشترت تذكرة القطار، ثمّ أنفقت تلك الأمّ كلّ ما بقي لديها من المال في آلة التصوير الأوتوماتيكيّة.
آخذت لنفسها العشرات والعشرات من الصور إلى أن نفذ كلّ مالها.
أخذت ماريا القطار وشرعت تكتب كلمات قليلة في خلف كل من تلك الصور.
كتبت نفس الرسالة عشرات المرّات، وعيونها تمتلئ بالدموع.
وصل القطار إلى ريو دى جانيرو، فنزلت ماريا وطافت تبحث عن إبنتها، لكن من غير جدوى، بحثت عليها في كلّ مكان، أخيراً... أخذت تسير من خمّارة إلى خمّارة، وتلصق في كلّ مكان إحدى صورها، ثمّ ذهبت إلى الفنادق ذي السمعة السيئة، وفي كلّ مكان ذهبت إليه تلك الأم، لصقت صورها على لوحة الإعلانات.
بعد أيّام قليلة، وزّعت ماريا كلّ صورها، فعادت حزينة إلى قريتها وقلبها مكسور في داخلها.
مرّت الأسابيع... وذات صباح نزلت كرستينا السلالم في أحد الفنادق السيئة.
لم تعد لديها تلك الإبتسامة الضاحكة، بل أصبحت عيناها تحكي قصّة حزن وشقاء، وجسدها، يحكي قصّة الذلّ والهوان.
وبينما هي في رواق الفندق، وقعت عيناها على صورة أمّها على الحائط.
إمتلأت عيناها بالدموع وهي ترفع الصورة.
مسكت تلك الصورة في يديها وهي ترتجف، ثمّ قلبت تلك الصورة، وإذ بهذه الكلمات مدوّنة عليها...
" يا حبيبتي، لا يهمُ ماذا فعلتِ، أو كيف أصبحتِ.. أرجوكِ، إرجعي إلي.. إرجعي إلى بيتكِ".
لم تحتاج كرستينا إلى دعوة أخرى، بل في تلك الساعة عينها رجعت إلى بيتها وأمّها.