تزوّجت طاعةً لأهلها في عمر مبكر برجل بالكاد عرفته، كان قاسياً لا مبالياً، يتعاطى الخمرة ويلعب القمار، وأدّى إهماله وتهاونه إلى طرده من الشركة الَّتي كان يعمل فيها فأصبح عاطلاً عن العمل، فحملت المسؤولية وتعلَّمت الخياطة وببعض المال الَّذي وفَّرته إشترت مكنة للخياطة وأصبحت خيّاطة ناجحة، سهرت ليالي طويلة تعمل بجدّ ونشاط فضعف نظرها وتعب جسمها وأصابتها أمراض كثيرة، لكنّها إهتمّت بأولادها الثلاثة وعلّمتهم في أفضل المدارس والجامعات، حتّى أصبح أحدهم محامياً وآخر مهندساً وثالثاً صيدليًّا، وعندما مرض زوجها إعتنت به بكلّ صبر وطول أناة، حتّى فارق الحياة...
كانت إنسانة مؤمنة مصلِّيَة مواظبة على القدسات وبشهادة من عرفها كانت بالرغم من ضيقاتها الكثيرة وصعوبة ظروفها، مبتسمة على الدوام، تفتقد المرضى، تعزّي الحزانى ولا تتأخّر متى سنحت لها الظروف بمساعدة بعض الفقراء الَّتي كانت تلتقي بهم!
نحن المؤمنين لا نيأس ولا نتعب بالرغم من ضيقاتنا الكثيرة.
" لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ."
(٢ كو ٤: ١٧، ١٨)
حقًّا !
/جيزل فرح طربيه/