السيّدة تريزا جيوشيلي من إيطاليا ذات الثمانين عاماً والَّتي تعيش لوحدها ولا يؤنسها في منزلها سوى عصفورين صغيرين هما كارلا و بولا واللذان يملآن المنزل بصفيرهما.
بينما كانت تريزا في المطبخ إذ بها تفقد توازنها وتسقط بسبب عوامل الشيخوخة البادية عليها، فبينما كانت تريزا قد خارت قواها وبدت تحسّ بفقدان لوعيها، حدَّثت نفسها.. ماذا سيكون مصير كارلا وبولا وأنا راقدة هنا لا أستطيع الحراك أو الإستغاثة؟
ظنَّت أنّ رحلة حياتها شارفت على النهاية، وربّما لا يُكتشف وفاتها إلّا بعد أيّام طويلة، فإستجمعت ما تبقّى لها من قوى خائرة وزحفت رغم الآلام الشديدة الَّتي تشعر بها إلى أن وصلت في إتّجاه القفص الصغير الَّذي يعيش فيه صديقاها كارلا وبولا.
كان هدف السيّدة تريزا هو فتح القفص لإخراجهما حتّى لا يموتا من الجوع والعطش.
تمكّنت تريزا من فتح القفص وخرج الصديقان وإنطلقا عبر نافذة المطبخ الصغيرة.. ثمّ أُغمِيَ عليها بعد ذلك.
الأمر العجيب هو أنّ كارلا و بولا لم يتركا تريزا ويطيرا خارج البيت! بل وقفا فوق سور شرفة المنزل وشرعا في الغناء و الصفير وراحا يملآن الشارع بصوتهما!
لفت المنظر الغير المألوف أنظار الجيران، فقد إعتادوا أن يروا كارلا وبولا داخل القفص وليس على الشرفة هكذا!
أشفق الجيران على العصفورين من الضياع، فتوجّه الجيران إلى منزل تريزا وإسترسلوا في طرق باب المنزل.. لكن لا مجيب، فشكّ الجيران في مصير تريزا، وإتّصلوا بالإسعاف والشرطة وفُتِحَ باب البيت أخيراً.
كانت تريزا مُغمى عليها ومصابة بكسور في ساقها.
تمّ نقلها إلى المستشفى للعلاج بشكل عاجل، وحينما إستفاقت تريزا من غيبوبتها.. قالت وهي تتطلَّع إلى عصفوريها الجميلين كارلا و بولا :
كنت أعرف أنَّهما كلّ ما تبقّى لي في هذه الدنيا.. لقد أنقذا حياتي!
قال رجال الشرطة وهم يتطلّعون في إعجاب لمثل هكذا وفاء :
هل تعلمين يا سيِّدتي أنّ صديقيك قد عادا إلى القفص عندما أدركا أنَّكِ أصبحتِ في أمان؟!
بمجرّد وصولنا للمكان وأثناء حملك إلى المستشفى، فوجئنا بهما يعودان إلى قفصهما، فأغلقنا عليهما الباب، وحملناهما إليكِ ليكونا بجواركِ عندما تفتحين عينيكِ مرَّة أخرى على الحياة.