يُحدثنا إنجيل اليوم عن رجل وكيل محتال لا يعرف النزاهة اتُهم بالتفريط بأملاك سيده الذي أراد أن يصرفه من الخدمة! ولم يسع إلى تبرير نفسه ولم يستسلم بل وجد حلاً لمشكلته مقراً بمحدوديته وقال "أنا لا أقوى على الفلاحة، وأخجل بالاستعطاء".
ثم تصرف بمكر ودهاء، ملحقاً الضرر مرة جديدة بسيده. فدعا مُديني سيده وقلّص الديون المتوجّبة عليهم ليصيروا أصدقاءه فيكافئوه.
ما يعني صنع الأصدقاء بواسطة الفساد، كما تجري العادة اليوم وللأسف.
قدّم يسوع هذا المثل لا ليدعونا إلى عدم النزاهة بل إلى الحنكة.
فيقول الرب "فأثنى السيد على الوكيل الخائن".
إنه هذا القدر من الحنكة والذكاء الذي يسمح لنا بتخطي الأوضاع الصعبة.
ويقول الرب لتلاميذه في نهاية المثل: "اتخذوا لكم أصدقاء بالمال الحرام، حتى إذا فقد قبلوكم في المساكن الأبدية".
الغنى والمال يحملان الإنسان على بناء الجدران، وخلق الانقسامات والتمييز.
بيد أن يسوع يدعو تلاميذه إلى قلب هذه المعادلة.
فيطلب منهم أن يكونوا أصدقاء المال، وهي دعوة إلى تحويل المال والغنى المادي إلى علاقات، لأن الأشخاص هم أثمن من الغنى والأملاك.
إن الأشخاص المثمرين في الحياة، ليسوا أصحاب الأموال الكثيرة، بل من يعرفون كيف يبنون علاقات الصداقة من خلال أموالهم.
من سيقبلوننا في الفردوس، إذا عرفنا كيف نحوّل الغنى إلى أدوات للأخوة والتعاضد، هم أيضا الأشخاصُ الذين تقاسمنا معهم الخير، وخدمناهم بما وضعه الرب بين أيدينا.
هذه الصفحة من إنجيل اليوم تطلب منا أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي "ماذا أفعل الآن؟" لافتا إلى أنه إزاء إخفاقاتنا وفشلنا، يقول لنا الرب إنه باستطاعتنا دائماً أن نصحح الأمور، وأن نعوّض على الشرور التي ارتكبناها بأعمال الخير.
أن نُفرح من أبكيناه ونعطي من حرمناه من شيء ما.
وإذا فعلنا ذلك، من خلال مساعدة الآخرين، يُثني علينا الله لأننا تصرفنا بحنكة، أي بحكمة من يعتبر نفسه إبنا لله، ويضع نفسه في خدمة ملكوت السماوات.
(البابا فرنسيس)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/