"في ذلك الوقت": أثناء كرازة المسيح.
"هيرودس": هو هيرودس أنتيباس، وهو ابن هيرودس الكبير الذي قتل أطفال بيت لحم، وهو الذي أرسل بيلاطس إليه المسيح ليحاكمه قبل صلبه، وكان واليًا على الجليل والسامرة وبيرية، وهي المنطقة الشمالية من بلاد اليهود.
وعندما سمع بكرازة المسيح، ظن أنه يوحنا المعمدان وأنه قام من الأموات بعد أن قتله، لأنه كان يخاف من يوحنا وتوبيخه له، إذ أن كلامه هو الحق.
"الربع": قسم الرومان مملكة اليهود إلى أربعة أقسام، وأقاموا هيرودس أنتيباس واليًا على أحدها.
اشتهى هيرودس أن يتزوج هيروديا امرأة أخيه فيلبس، فاغتصبها منه وهو حي، ولم يستطع أحد أن يمانعه لأجل سلطانه وقوته.
ولكن يوحنا المعمدان، رجل البرية الذي لا يخاف أحدا لاعتماده على الله، دخل إليه في قصره ووبخه، ودعاه لترك هيروديا والتوبة.
ولكنه لم يتب، وحاول إسكات يوحنا المعمدان فسجنه، بل حاول قتله، ولكنه خاف من اليهود لأنه كان محبوبا جدًا وله شعبية كبيرة.
لا تحاول إسكات ضميرك وصوت الروح القدس، بل اخضع له، فسيظل يدينك إن لم تتب، ليس في هذه الأرض فقط، بل إلى الأبد في العذاب الأخير. فاسمع صوته الآن وتنازل عن رغباتك، لتفرح إلى الأبد.
أقام هيرودس احتفالًا كبيرًا بمناسبة عيد ميلاده، احتوى غالبًا على أطعمة وخمر كثير، وامتلأ بالطرب والغناء.
وقامت ابنة هيروديا من فيلبس، وهي التي تُدعَى سالومى، ورقصت رقصا خليعا لتغرى هيرودس.
وقد أغرته بالفعل، لدرجة أنه حاول مكافأتها بأى ثمن، حتى ولو أعطاها نصف مملكته.
وقد يكون الخمر الذي شربه ساعد على امتلائه بالشهوة، وعدم الاتزان، فأقسم أن يعطيها أي شيء تطلبه.
لا تستسلم للشهوة حتى لا تفقد اتزانك وعقلك، فتصير مثل الحيوانات، وتندفع في كلام تندم عليه، أو أفعال تدنس حياتك.
كانت هيروديا قد أقنعت ابنتها سالومى بضرورة التخلّص من يوحنا المعمدان، لأنه معطل لها عن البقاء كملكة بزواجها من هيرودس، وبالتالي ستخسر هي وابنتها كل العظمة والمال اللذان تعيشان فيهما.
بل قد تكون هيروديا هي التي دفعت سالومى لهذا الرقص الخليع، حتى تغرى هيرودس وتثير شهوته، فتستطيع أن تطلب منه قتل يوحنا.
ولذلك، أجابت سالومى في الحال على هيرودس، عندما سألها عما تريده كمكافأة على رقصها، طالبة رأس يوحنا على طبق، وبذلك تظل أمها زوجة للملك، وتحصل على المملكة كلها وليس نصفها.
عندما سمع هيرودس ذلك، انتبه من غفلته وحزن جدا، إما لخوفه من يوحنا وتقديره له، أو لخوفه من هياج الشعب الذي كان يحب يوحنا.
ولكنه، لأجل كبريائه، لم يستطع الرجوع عن قسمه، مع أنه كان الأفضل لو اتضع ورفض ذلك.
وإذ كان شهوانيا، لم يستطع رفض طلب ابنة معشوقته، وأمر أن يقطعوا رأس يوحنا ويحضروها على طبق.
إن الخطية توقعك في حرج، ولكن التوبة تجعلك نقيا فتسلك باستقامة وراحة بال.
قطعوا رأس يوحنا وأحضروه إلى الملك الذي أعطاه لسالومى، فقدمتها لأمها هيروديا.
وهكذا تممت الشريرة هيروديا قصدها، ولكن ما زال صوت الحق يوبخها إلى الآن، وسيوبخها إلى الأبد وهي في الجحيم.
"تلاميذه": أي تلاميذ يوحنا."أخبروا يسوع": لأن معلمهم يوحنا دفعهم لتبعية المسيح، واللجوء إليه في كل احتياجاتهم؛ وقد يكون قصدهم أيضًا أن يحترس المسيح من هيرودس الشرير.
حزن تلاميذ يوحنا جدا، وذهبوا وأخذوا جسده ليدفنوه بإكرام، وأعلموا يسوع بما حدث.
وهكذا انتهت حياة الملاك الذي هيأ الطريق للمسيح، بعد أن أعلن صوت الحق لكل من حوله.
/خادم كلمة الربّ/