HTML مخصص
سألني شاب :
"لماذا أهرب من الحوار مع الفكر الخاطئ؟ أليس هذا نوع من الضعف؟"
أجبته :
كثيرًا ما يكون الهروب إحدى علامات القوة.
فمن يهرب من فكر له جاذبيّته يكون قويًّا.
هذا والحوار مع الشرّ لا يعرف المنطق، كما حدث في الحوار بين حواء والحيّة.
لنهرب من الحوار مع الشرّ، لأنّه يشبه حوار الحمل الوديع مع الذئب المفترس.
¦¦¦ قيل أنّ ذئبًا جائعًا جدًّا وقف عند مجرى ماء من أعلى التلّ وتطلّع لعلّه يجد فريسة يلتهمها.
رأى أسفل التلّ حملًا يشرب من المجرى.
عندئذ تطلّع من كل جانب فلم يجد راعي الخراف ولا الكلب الحارس لها.
رفع الذئب رأسه وبدأ يفكّر، إذ يعلم أنّ سمعته سيئة للغاية، أنّه محبّ للإفتراس، يأكل الخراف الوديعة الَّتي لا ذنب لها.
حاول أن يبرّر الذئب نفسه فتطلّع إلى أسفل وقال للحمل :
"إنك حمل صغير، لكنّك تسلك بلا لياقة".
سأله الحمل :
"لماذا تتّهمني بهذا؟"
قال الذئب :
"لأنّك تشرب من المجرى، وها أنت تعكّره؛ أما تعلم أنني أشرب منه؟!"
علّق الحمل على ذلك :
"أيّها الأخ ذئب.. أنت تشرب من المجرى من أعلى وأنا أشرب من أسفل فكيف يمكنني أن أعكّر الماء النازل من عندك نحوي؟!"
كان الحمل على حق.
صمت الذئب قليلًا ثمّ قال له :
- لقد سمعت من مصدر موثوق به ُأنّك تكلّمت عنّي حديثًا رديئًا.
- كيف أتكلّم عنك برديءٍ أو صالحٍ وأنا لم أركَ من قبل؟
- إذن لابدّ وأن يكون أخوك هو الَّذي تكلّم ضدّي.
- أيّها الأخ ذئب، ليس لي أخ ولا أخت.
- إن كان ليس لك أخ ولا أخت فحتمًا لك أب يشبهك.
هو الَّذي تكلّم ضدي. .لهذا فإنّني أنتقم منه فيك أنت إبنه.
قبل أن يفتح الحمل المسكين فمه هجم عليه الذئب وإفترسه.
عزيزي القارئ...
حقِّا لقد كانت كل إجابات الحمل تبرّره، لكن كيف يتبرّر أمام ذئبٍ لا يعرف إلّا الإفتراس؟
الحوار مع الذئب باطل وغير مُجدٍ.
إلهي...
أنت تحاورني لا لكي تبرّر ذاتك،بل لتعطيني فرصة للتمتّع بحبك.
الحوار معك ممتع ومفيد.
هب لي أن أحاورك، ولا أحاور عدوّ الخير فإنّه ذئب مفترس!
بروحك القدّوس علّمني الهروب من كل حوار باطل!