مع بداية العام ١٩٩٦ إنتقلت إنسانة مؤمنة عانت من مرض السرطان قرابة شهرين، كان المرض يجري سريعًا في المخ.
سألت نفسي :
"لماذا يسمح الله لكثير من مؤمنيه أن يعانوا خاصة من الأمراض الخبيثة قبل رحيلهم من هذا العالم؟"
يسمح الله بذلك لكي يدرك المؤمن أنّ رجاءه كلّه في السماء، فلا يشتهي ما لجسده بل ما لمجده الأبديّ.
إنّه كمن يؤكّد لمحبوبه الإنسان أنه يليق به أن يضع يده على المحراث متطلعًا إلى كنعان السماويّة ولا ينظر إلى الوراء.
هذا يذكّرني بما رواه Green عن المكتشف الأسباني كورتز Cortez أنّه رسا بسفنه في Vera Cruz في عام ١٥١٩ م ليبدأ غزوه للمكسيك، وكانت قوّته الملازمة له صغيره جدًا، تعدادها ٧٠٠ رجلاً.
ما أن نزل رجاله من السفن وإنطلقوا إلى الشاطئ حتّى أشعل النار بسرعة شديدة في السفن الإحدى عشرة التي كانت في خليج المكسيك.
لقد تعمّد حرق السفن الَّتي حملت رجاله، ليروا بأعينهم النار المشتعلة أمامهم، فيتأكّدوا أنّه لا طريق لهم للحركة سوى الدخول إلى المكسيك لمواجهة الموقف أيًّا كان دون رجعة إلى سفنهم وهروبهم من المعركة!
هكذا كثيرًا ما يسمح السيّد المسيح بتدمير موضع راحتنا الزمنيّة حتّى ندرك أنّه لا طريق لنا سوى الدخول في المعركة مع عدوّ الخير لندخل في السماويات، ولا يرتبط قلبنا بشيء إلّا بالتمتّع بالنصرة لنوال الإكليل.
كثيراً ما يسمح الله بإغلاق كل طريق واسعٍ أمامنا حتى نجد أنّه لا خيار لنا سوى قبول الطريق الضيّق.
أشكرك أيّها القائد العجيب والحكيم، تأتي بي إلى المعركة الروحيّة، تأتي بي تحت قيادتك يا واهب النصرة.
تحرق حولي كلّ السفن فلا أفكّر في التراجع.
أجد راحتي ونصرتي فيك لا في سفن العالم.
تدخل بي في مواجهة عدوّ الخير إبليس، تخفيني فيك فلا أكون طرفًا في المعركة.
بك وفيك أغلب على الدوام،إذ وعدتني: "ثقوا أنا قد غلبت العالم!".