إذ حلّ المساء وساد الظلام زحفت قوارب الصيد في ذلك النهر، وقد أُشعلت النيران في أقفاص حديديّة مثبّتة في مقدّمة كل قارب.
جذبت النيران السمك إلى السطح، وفي الحال أطلق كل صيّاد حوالي دستة من الطيور النهمة المائية "الغاق"، وقد ثبَّت كلّ صيّادٍ حلقةً حول رقبة كل طائرٍ وأمسك الحلقة بحبل في يده.
إنسحبت الطيور إلى قواربهم بالحبال لتلقي بالأسماك الكبيرة التي في مناقيرها في القوارب، لأنّها لا تَقدر أن تعبر من الحلقة إلى بطونها، بينما تعبر الأسماك الصغيرة من الحلقات لتأكلها الطيور.
هكذا تأكل الطيور الأسماك الصغيرة، ويتمتّع الصيّادون بالسمك الكبير.
عزيزي القارئ...
ما أدهش الكاتب هو مهارة كلّ صياد بعدم تشابك الحبال معًا، وقدرتهم على جذب كلّ طيرٍ في اللحظة الحاسمة وهو ممسك بمنقاره السمكة الكبيرة، خاصّة وأنّه أحيانًا ينقض طائران على سمكة واحدة.
حياتنا صيد مستمرّ، لكن من أين ننال المهارة فلا تتشابك الحبال معًا، وتجتذب الطير في الوقت المناسب؟!
إنه عمل السيّد المسيح الذي يقودنا في موكب نصرته، هو ضابط الكلّ يعرف أن يحرّك كلّ شيء بإرادته الإلهيّة الفائقة، واهب أعضاء جسده الشركة في هذه المهارة، يعرفون كيف يوازنون بين حياتهم الروحيّة والجسديّة والإجتماعيّة والعلميّة والعقليّة والعاطفيّة دون تشابك بين الحبال.. يهبهم بروحه القدّوس التمييز والفطنة.