ذاع الخبر في كل أنحاء المدينة ... الملكة تريد شباباً طوال القامة للعمل ضمن حرّاسها.
كان إمتيازاً فائقاً أن يعمل شخص في خدمة الملكة ، ولذا تمنّى كلّ شاب أن ينجح في الإختبار وأن يقع عليه الإختبار ... قابل واحد منهم صديقاً له فتحدّث إليه قائلاً :
"أعتقد أنّ فرصتي أكبر منك ... إنّ قامتي أطول "
ثمّ واضعاً كتفيهما جنباً إلى جنب ليعرفوا عملياً حقيقية الأمر...
بالطبع لم تكن هذه هي المقابلة الوحيدة الَّتي جرت بهذه الطريقة ، فسرعان ما إمتلأت المدينة بالمقارنات والقياسات ...
وتحدّث شاب إلى نفسه قائلاً :
"أعتقد أنّني قست نفسي بكل شباب المدينة ... إنّ قامتي تعلوهم جميعاً ....حتماً سوف أنجح".
وجاء يوم الإختبار، وإكتشف الشباب أنّ هناك شرطاً آخر ... فالملكة لا تريد فقط طوال القامة بل من يزيد منهم عن المتـــر والثمانين سنتيمتراً .... وعاد الشاب السابق ليقول لنفسه :
وتمّ قياس الأطوال بكلّ دقّة وظهر أنّ طول هذا الشاب هو مئة وتسعة وسبعين سنتمتراً ونصف .... كان أقلّ طولاً من المطلوب بنصف سنتيمتر فقط ...
إنّه أمام شرط الملكة ، قصيـــر ...
لا فرق بينه وبين أقصر شاب في المدينة ، كلاهما مرفوض ...
عزيزي القارئ...
كثيرون يفعلون مثل هذا الشاب يقيسون أنفسهم ببقيّة الناس ... هكذا فعل الفرّيسي في المثل الَّذي حدّثنا به الربّ في إنجيل لوقا ... كثيرون يقيسون أنفسهم بغيرهم ، فيتوهّمون أنّهم مقبولون لدى الله لأنّهم أفضل من غيرهم ... يظنّون أنّهم مقبولون لمجرّد كونهم لا يفعلون خطايا معينة مثل القتل والزنى أو لأنّهم لا يؤذون أحداً ... ونسوا أنّ مقياس الله يختلف تماماً عن مقياس البشر ، وأنّ خطيئة واحدة يفعلها الإنسان و لا تغفر له تحرمه من التمتّع بإلهه ... مقياس الله القدّوس يحكم على كلّ البشر هكذا "الجميع زاغوا وفسدوا .. ليس من يعمل صلاحــاً ليس ولا واحد " (رو ١٢:٣)
في كلّ تاريخ البشريّة ، لم ولن يوجد إنسان إستطاع أن يحقّق شروط الله إلّا شخص واحد ...
هو الإله المتجسّد الربّ يسوع ، الوحيد الَّذي لم يفعل خطيئة واحدة ... وهو يدعو كلّ إنسان في الوجود قائلاً له : أنظر ، بدوني أنت قصير القامة ...السماء ترفض قبولك ... إنَّك لا تفي بالشروط المطلوبة ... بل أنّ العدل الإلهي يطلب بهلاكك ، قانونه يقول :
"أجرة الخطية [أي خطية] هي موت " (رو ٢٣:٦)
ولكن أنظر أيضاً أنا أكملت كلّ الشروط عنك أنا سددتُ جميع ديونك أنا متّ بديلاً عنك وها دمي المسفوك يعلن أنَّني قدّمتُ حياتي فدية عنك.
تعالى إليَّ .....إطرح خطاياك عند صليبي .. إعترف بها وتب عنها .....
ليس هناك في الوجود إمتياز أعظم من أن نكون "في المسيح" ... فبدون المسيح ، أي إنسان أيًّا كان هو قصير جداً عن مقياس السماء.