بعدما أفاقت الأم من نومها إثر ولادة مؤلمة طلبت من الممرّضة رؤية إبنها الَّذي إنتظرته لسنين طويلة، أحضرته لها الممرضة ثمّ خرجت، همّت الأم برفع الغطاء من على وجهه، أخافها ما رأت !
طفل بلا أذنين !!!!!!!!
إلّا أنّها إبتسمت في وجهه ورفعت يديها وشكرت الله على عطيّته مهما كانت، وإحتضنت الطفل في صدرها وهمست إليه أنت إبني مهما تكون .
ومع الأيّام واجهت الأم صعوبات كثيرة من خلال مضايقة أصدقائه وجيرانه وأقربائه إلّا أنّها دائماً كانت مبتسمة في وجهه وداعمة له.
لن تنسى تلك المرّة الَّتي رمى بنفسه في أحضانها باكياً من إستهزاء أحد أصدقائه عليه، وتسميته بالوحش، إلّا أنّها قالت :
بحبك مثل ما إنت.
رغم هذة الإعاقة إلّا أنّ أداؤه كان متميّزاً في الدراسة، حتّى دخل كليّة مرموقة، يدرس السياسة والعلاقات الإنسانيّة.
وفى أحد الأيّام كان والده جالساً مع أحد الجرّاحين المشهورين، فحكى له مأساة إبنه وقال له الطبيب :
إنّ هناك عمليّات نقل للأذنين، ولكنّنا في حاجة لمتبرّع.
فوافق الأب على إجراء العمليّة حينما يظهر أي متبرّع.
وبعد فترة من الزمن، إتّصل الطبيب بالأب، وقال: لقد وجدنا المتبرّع لإجراء العمليّة لإبنك.
سأل الأب من هذا حتّى أشكره؟
فرفض الطبيب ذكر إسمه، بناءاً على رغبة المتبرّع.
وأجريت العمليّة بنجاح، وأصبح الطفل الوحش رجلاً وسيماً.
وهذه الحالة الجديدة، دفعته للتفوّق أكثر وأكثر، حتّى أصبح سفيراً لبلاده، وتزوّج بمن أحبّها، إلّا أنّه، وبعد سنوات من إجراء عمليّته، ظلّ يتساءل عن الشخص الَّذي قدّم له أذنيه!!!
هل كان متوفّي دماغياً، ومن هم ذووه؟
هل كان شخصاً مريضاً؟
أسئلة كثيرة، وبدون أجوبة دائماً في خاطره ولا تفارقه أبداً.
سأل أباه عدْة مرّات عن المتبرّع،حيث قال أنّه يحمل له الكثير من التقدير والعرفان بالجميل، ولا يستطيع أن يكافأه لأنّه كان له الدور الكبير في نجاحاته المتعاقبة في حياته.
فإبتسم الأب قائلاً له :
«صدّقني.. حتّى لو عرفته، فلن تستطيع أن توفي له حقّه».
وفي أحد الأيّام زار الإبن بيت والديه بعد سَفر طويل، أمضاه في دولة أجنبيّة في إطار عمله.
حمل الإبن لوالديه الكثير من الهدايا، كان من ضمن الهدايا قرطان ذهبيّان إشتراهما لأمّه.
وكانت الدهشة للأمّ كبيرة عندما شاهدت جمال هذين القرطين.
حاولت رفض الهديّة بشدّة، قائلة له أنّ زوجته أحقّ بهما منها، فهي أكثر شباباً وجمالاً.
إلّا أنّ إصرار الإبن كان أكبر من إصرار والدته، وأخرج الإبن القرط الأوّل ليلبسها إيّاه، وإقترب إليها، وأزاح شعرها فأصابه الذهول...... عندما رأى أمّه بلا أذنين!
عرف الإبن بأنّ أمّه هي من تبرّع له بأذنيها!
فأُصيبَ بصدمة، وأَجْهَشَ بالبكاء.
وضعتْ الأمُ يديها على وجنتي إبنها وهي تبتسم قائلة له :
لا تحزن... فلم يقلّل ذلك من جمالي أبداً، ولم أشعر بأنّي فقدتهما يوماً، يا إبني أنت لا تمشي فقط على رجليك، إنّما تخطو على قلبي أينما ذهبت.