في أواخر القرن التاسع عشر إنتشر مرض الجذام في جزر هاواي.
هذا المرض يفقد المصاب به نعمة الإحساس بالألم وتدريجيًّا يفقد المريض أطرافه وتتساقط منه دون ألم ويظلّ هكذا حتّى يموت.
ولأنّه لم يكن لهذا المرض علاج فقد حوّلت الحكومة جزيرة مولوكاي المنعزلة إلى حجر صحّي أو بمعنى أدقّ معتقل مدى الحياة وكان الخروج منها ممنوعاً خوفاً من إنتشار المرض، ولم يكن هناك كاهن في هذه الجزيرة.
تطوّع الأب داميان دي فوستر لخدمتهم وهو عالمٌ بأنّه لن يخرج حيًّا من هذه الجزيرة.
سجّل الأب داميان في مذاكراته أحوال المرضى الَّتي بلغت من البؤس ما لا يطاق.
عاش هؤلاء المرضى ألم المرض وألم نبذهم من الأهل والأصدقاء ونفيهم من المجتمع.
عاشوا فى سجن دون جريمة منتظرين الموت.
كانت ملابسهم شديدة القذارة لأنّ المياه كانت تنتقل لهم من مسافات بعيدة.
شرع الأب داميان يخدمهم بكلّ الحب، يجلس معهم ويأكل معهم ويضمّد جروحهم، لم يكن يهتمّ بالإحتياطات الوقائيّة لأنّه أيقن إصابته بالمرض آجلاً أو عاجلاً.
كان يعظهم بقوله نحن المجذومين.
أصيب بالمرض عام ١٨٨٤ غير أنّه إستمرّ في خدمته لهم حتّى تورّمت يداه ولم يقدر أن يصلّي القدّاس الإلهيّ، فقال :
"الآن أموت فقيراً معدماً من كل شيء"
تنيّح عام ١٨٨٩ وهو في الـ ٤٩ من عمره .
خلّدت حكومة هاواي ذكراه فأقامت لرسول المجذومين تمثالاً في أحد أهمّ شوارع العاصمة.
هذه هي خدمة غسل الأرجل.. هذه هي المحبّة الباذلة .. هذه هي المسيحيّة الحقيقيّة.