“قبل كل مباراة كنتُ عادة أقول للاعبين : «مباراة اليوم هي مباراة حياة أو موت»، ولكن الأمر ليس كذلك اليوم، أجل، فأنا اليوم أخوض مباراة حياتي”.
كانت هذه كلمات المدرّب الفرنسي “برونو ميتسو” الذي توفِّيَ يوم ١٥ تشرين الأول ٢٠١٣ عن ٥٩ عامًا بعد صراع لمدّة عام مع المرض.
وصرّح “هيرفيه بيديليم”، الصديق المقرَّب لميتسو، لوكالة فرانس برس:
“لقد توفّي الليلة في الساعة الثالثة والنصف ليلاً”.
كان برونو يملك كل شيء ليكون سعيدًا:
مسيرة إحترافيّة مثاليّة، مشوار رائع، المال، والعائلة؛ ثم جاء السرطان وأوقف كل شيء، وأطلق الحكم صفّارة نهاية مباراة حياة المدرّب.
كان لميتسو صولات وجولات في الملاعب الخليجيّة، فقد حقَّق نجاحًا مهمَّا في الإمارات؛ فقاد منتخبها إلى لقب بطل كأس الخليج للمرّة الأولى في تاريخه، كما درَّب منتخب قطر، والإتّحاد السعودي.
ومن أبرز إنجازاته في عالم التدريب، قيادته منتخب السنغال إلى ربع نهائي مونديال ٢٠٠٢ في كوريا الجنوبيّة واليابان، حين حقَّق أبرز المفاجآت بفوزه في المباراة الإفتتاحيّة على منتخب فرنسا بطل مونديال ١٩٩٨.
ظلّ ميتسو في دبي حتّى أواخر تشرين الأول ٢٠١٢، حيث قرَّر الرحيل بسبب المرض، الذي لم يكن يتوقّعه؛ فقد كان يتمتّع بلياقة بدنيّة عالية.
وعندما ذهب للمستشفى لإجراء فحوصات للدم، فإذا بالأطبّاء يبلغونه أنّه في المراحل الأخيرة من سرطان أصاب الكبد والقولون والمعدة، وبأنّه يتبقّى له ثلاثة أشهر.
فإنهار بالبكاء مع زوجته السنغاليّة “فيفيان” حيث شعر بالأسف وهو يفكِّر في أطفاله الثلاثة.
وبعد تسعة أشهر من إكتشاف المرض، فقد ميتسو ١٧ كيلوجرامًا من وزنه، وفقد شعره الطويل الذي لطالما عُرِف به، وبدا جسمه نحيلاً ضعيفًا على كرسي المُقعَدين.
مباراة حياتي ..“برونو ميتسو” أقصر ممّا نتوقع
إنّ الحقيقة الأكيدة في هذه الدنيا أنّ الحياة أقصر ممّا نتصوّر؛ فهي كالبخار وكالأشبار، « إِنَّمَا كَخَيَال يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا» (مزمور ٣٩: ٦).
والحقيقة المقابلة الموجعة والمؤلمة:
أننا لا نفكّر أو نهتم بحياتنا الأبديّة، وننسى أنّ حياتنا ستنتهي في يوم من الأيام.
لذا ليتنا نفتدي الوقت، طالما العمر قصير هكذا، فالرب ما زال ينادي المتعبين قائلاً:
وفي أوّل لقاء صحفي له بعد إصابته بمرض السرطان، قال ميتسو إنّ:
“أصعب مباراة يخوضها في حياته ما زالت متعادلة”.
وفي تصريح آخر نشرته صحيفة “ليكيب” الفرنسيّة قال:
“أنا في منتصف المباراة، وأريد الفوز بها قبل الوصول إلى التمهيدي”.
وللأسف الشديد مات ميتسو، ولا نعلم إن كان قد فاز في مباراة الحياة أم توقف فقط عند منتصفها.
أعزّائي القرّاء :
ما أخطر الوقوف عند منتصف الحياة!! فكم من الناس بدأوا مع الله، لكنهم عند المنتصف توقفوا.
وكم من الشباب حضروا فرصًا كرازية وفرحنا بهم، لكن مع أول تجربة توقَّف نموهم، حتى تأتي فرصة أخرى فيعودوا ثم يتوقفوا أيضًا، إنهم كالواقفين على الباب، لم يبتعدوا كثيرًا عنه، ولكنهم لم يدخلوا منه!!