وما أن صعدت إلى عربتها حتّى إنشغلت في ترتيب حقائبها على الرفّ وأخذت تبدّل فى أوضاعها حتّى وصلت للوضع الَّذي يعجبها.
ثمّ صرفت وقتاً في تعديل وضع كرسيها وجلستها.
ثمّ قرّرت تغيير مكانها، ولمّا إستقرّت في المكان الجديد فتحت حقيبة يدها وأخرجت أدواتها وبدأت تصفّف شعرها وتعدّل من مظهرها.
وأخيراً، إستراحت في كرسيها وقرّرت أن تستمتع بالمناظر الطبيعيّة الرائعة الَّتي كان القطار يمرّ خلالها والَّتي تُعتبر من أجمل المناظر الطبيعيّة في العالم.
ولكنّها في هذه اللحظة سمعت مُذيع القطار يُعلن قُرب وصول القطار للمحطّة الَّتي ستنزل فيها.
عزيزي القارئ...
لقد فات هذه السيّدة التمتّع بتلك المناظر الرائعة بسبب إهتمامها بأمور تافهة.
وكم من أُناس أضاعوا رحلة عمرهم في الإهتمام بأمور لاتستحق، ثمّ فُوجِئوا بأنَّهم إقتربوا من محطّة الوصول وأوشكت حياتهم على الإنتهاء دون إستعداد للأبديّة (مثل الغني الغبي)، يا لها من خسارة.
فإنّ ما فقدوه لم يكن مجرّد مشهد طبيعيّ جميل، بل نفوسهم الخالدة وكلَّ شيء.
ما أحرانا أن ننتبه إلى أنّ الوقت يمضي سريعاً وأنّنا لا نستطيع إعادته من جديد.