كان أسد يتمشّى في وسط الغابة، وإذ به يرى كلَّ الحيوانات تهرب من أمامه وتخشاه، إذ هو ملك الحيوانات، زأر بقوّة فدوّى صوته في كلّ الغابة وخرج عشرات الأسود واللبوات والأشبال بسرعةإليه.
رأوه واقفاً في صمت فقال أحدهم :
"سمعنا زئيرك فأتينا جميعاً، جئنا لكي نعمل معك، أو ننقذك إن كنت في خطر"
فقال الأسد :
"أشكرك، إنِّي لستُ في خطر... إنِّي ملك تخشاني كلّ الحيوانات البريَّة وتهرب من أمامي لكن خطر بي فكرة أردتُ أن أعرضها عليكم"
- ما هي؟
- لنعِش كسائر البشر
- ماذا ينقصنا لكي تشتهي أن تكون كالبشر؟
- إنّنا من جهة الجسم أقوى ، ومن جهّة الحريَّة نتمشَّى في الغابات بحريَّة
- ينقصنا أن نتشاجر معاً، ويأكل بعضنا لحم بعض، فهذا من سمات البشر
- كيف يكون هذا، ونحن دائماً نعمل معاً.... إن إفترسنا حيواناً نقسمه جميعاً، ونعطي الشيوخ والمرضى والأشبال نصيبها حتَّى وان لم تتعب معنا؟
- تعالو نختلف معاً في الرأي وننقسم إلى جماعات مختلفة، نحارب بعضنا البعض، ونأكل بعضنا بعضاً
- يستحيل، فإنّه إن أكلنا بعضنا بعضاً فنينا، لأنّ أجسمانا ليست هزيلة كغالبيّة البشر، وأسناننا ليست في ضعف أسنانهم
- لنحاول، فنحمل خبرة البشر....
- كيف نختلف معاً، ونحن بالطبيعة نعمل معا؟
عزيزي القارئ...
هذه القصّة الخياليّة على ألسِنة الأسود من وحي ما كتبه القدّيس يوحنّا ذهبيّ الفم، إذ يقول أنّ الإنسان قد إنحطَّ إلى مستوى أقلّ من الحيوانات والحشرات، فيطالبنا الكتاب المقدّس أن نتعلّم الجهاد وعدم الكسل من النملة، والعمل الجماعي حتّى من الحيوانات المفترسة كالأسود................ فإنها وإن كانت مفترسة لكنّها لا تأكل بعضها البعض بل تعمل معاً، وأمَّا الإنسان فيختلف حتَّى مع من هو قريب إليه.