في أواخر القرن الماضي ركبت عائلة دنماركيّة فقيرة باخرة متّجهة إلى أميركا – أرض الأحلام – حيث تكثر فرص الرزق وتزداد سبل الثراء، وعلى ظهر السفينة ، ظلّت العائلة تأكل من الجبن الّذي أحضرته معها ، ثلاث وجبات في اليوم لمدّة ثلاث أيام ، وفي آخرها ضجر إبنهم توم من الحال.
- "كلّ يوم جبن؟ ..لقد سئمت منها ، أريد أن آكل شيئاً آخر".
- " أصبر يا إبني كلّها عشرة أيّام أخرى ونصل إلى أميركا وهناك تأكل ما تشتهي ..." .
- "لا يا بابا أرجوك ، أعطني خمسة قروش لأشتري بها بعضاً من الآيس كريم الذي يأكله الأولاد الآخرون".
- "الآخرون يأكلون ما يحبّون ، أمّا نحن ففقراء لا نقدر أن نتكلّف مصاريف أخرى ، لقد إستنفذت التذاكر مبلغاً كبيراً من المال ... إنتظر فقط حتَّى نصل أميركا وهناك كُلْ ما تشاء ".
- " بل أريد الخمسة قروش حالاً ..لن أنتظر ولا لحظة واحدة ... أريد الآيس كريم الآن".
رضخ الأب لإصرار الإبن وأعطاه الخمسة قروش الَّتي طلبها ، وما إن أخذها الولد حتَّى غاب عن البصر ... ورجع بعد ساعتين وإمارات السعادة بادية على وجهه.
فسأله الأب : "هل أكلتَ آيس كريم ؟"
- "نعم ، وأكلتُ أيضاً دجاجاً محمّراً ومكرونة وكاتوه".
- "كلّ هذا بالخمسة قروش ؟".
- "لا ، كل هذا مجّاناً ، فالأكل حسابه على التذكرة ".
عزيزي القارئ...
لماذا نسلك في هذه الحياة كفقراء مع أنَّ إلهنا غنيّ ، سدّد الدين عنّا ، وفاض علينا بالنِعم السماويّة وهو ....
"الَّذي لم يشفق على إبنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معه كلَّ شيء"