ما أبشع عبارة "العيش المشترك" التي لا تستخدم إلّا في لبنان..
وهي صارت ممجوجة لكثرة تكرارها ببّغائياً!
والأبشع منها كلمة تعايش التي صارت مرادفة للتكاذب!
المسيح يدعونا أن نبشّر كل الشعوب والأمم باسمه، في كل أصقاع الأرض، لنصير رعيّة واحدة يرعاها راعٍ واحد هو يسوع المسيح!
واجبنا أن نحب الآخرين، ونترجم محبتنا لهم بخدمتهم لا سيما عبر نقل البشارة السارة إليهم لتحريرهم عبر الكرازة بالإنجيل الذي تم تبشيرنا به، ونعمّدهم بعد تلمذتهم، فلا يكون تبشيرنا بالوعظ فحسب بل بسيرتنا وسلوكنا وإنفتاحنا على الجميع والقيام بأعمال الرحمة التي يطلبها منا الرب.. وهذا ما فعله ويفعله المسيحيون المبشّرون الشجعان أسوة بالقدّيسين الذين ما بخلوا بأي عطاء وتضحية..
وشهد الآلاف منهم للسيّد المسيح حتى الإستشهاد في سبيله..
ويجب أن نردّد دائماً مع الشهيد بولس رسول الأمم "الويل لي إن لم أبشّر"!
أين نحن من الرسالة التبشيريّة ؟!أين نحن الموارنة تحديداً من دورنا في هذا الشرق؟!
أين الساسة الموارنة من دورهم القياديّ الريادي في لبنان؟
أين هم من الحوار الماروني- الماروني أوّلاً قبل الحوار المسيحي - الإسلامي؟!
أين نحن من النقد الذاتيّ البنّاء لما فيه خير لبنان وكنيستنا؟!
هل المسيحيّون أنفسهم يعيشون هذا "العيش المشترك" في البيئة التي تجمعهم في لبنان ؟
أين نحن من الكنيسة الأولى حيث كانت الروح التعاونية هي السائدة والمبنيّة على الإنجيل الدستور الأقدس لكلّ مسيحيّ في العالم؟!
أين السّلطة الكنسيّة، وفي مقدّمها بطريركيتنا المارونيّةمرجعنا الروحي والوطني، بالإضافة إلى رهبانيّاتنا، من روح الشراكة (الماديّة وليس الروحيّة إذ نحن شركاء في كهنوت المسيح الملوكيّ وشركاء في المعموديّة وأعضاء حيّة في جسد المسيح السرّي)، هي التي لا تستثمر أوقافها كما يجب، كما هو مطلوب وفقاً لحاجات أبناء الكنيسة، فتضعها في خدمة الرعيّة مُتَّبعةً إستراتيجيّة إسكانيّة إقتصاديّة تنمويّة حكيمة؟
هل تتركها لوقت الحشرة؟!
وهل نحن في هذه اللّحظة التاريخيّة في زمن بحبوحة ورخاء وإزدهار ؟!
لديَّ إقتراحات كثيرة مكتوبة بحبر الإيمان والفكر والإبداع، إن تبنّتها كنيستنا لإنتَفَت الشكوى من الفقر والعوز والحرمان والغبن والإحباط.. ولا أدّعي ما لا قدرة لي على تنفيذه في حال ضافرنا الجهود كفريق عمل يحقق ما تعجز دولتنا عن تحقيقه في كنف كنيستنا الأم التي تضع في تصرفنا كل إمكاناتها وتطلق يدنا البيضاء لإستثمار أراضي أوقافها خير إستثمار وبطريقة مستدامة..
كيف لا وقد أوقفها السلف الصالح لمصلحة الكنيسة خدمةً لأبنائها ولا سيّما للفقراء والمحتاجين !
ماذا يجدي نفعاً التنظير والتباكي والتحسّر والتغنّي بأمجاد الماضي، فيما نحن نستطيع أن نصنع الفرق كعلمانيّين بالتعاون مع الإكليرس لإستثمار أدمغتنا ووزناتنا الماديّة والمعنويّة على كل الصعد وفي كل المجالات والميادين للنهوض بأنفسنا أوّلاً ثمّ بكنيستنا ومجتمعنا ووطننا!
لبنان أمانة في أعناق الموارنة.. فلنقرأ صفحات تاريخنا المجيد، ولنقرأ رسالة الفيلسوف الراحل الخالد الدكتور شارل مالك الَّتي وجّهها إلى الموارنة.. ولننتفض على ذواتنا بعد صحوة ضمير جماعيّة وبعد تنقية الذاكرة لشفائها من جراح الماضي لنبني المستقبل على صخرة الحاضر، بل على صخرة يسوع المسيح ربّنا وإلهنا ومخلّصنا وقائدنا الَّذي يدعو جميع شعوب الأرض وأممها إلى الخلاص والسّلام.. ولا خلاص وسلام إلّا به له المجد والسّجود والإكرام من الآن وإلى الأبد!
/سيمون حبيب صفير/
٢٤ شباط ٢٠٢٣