المهندس سيمون حبيب صفير
أطلبُ أنا الخاطئ، بتواضع ومحبة، مُلتمساً دوماً رحمة الله وغفرانه، وبشكل عاجل وطارئ، من غبطة أبينا البطريرك بشارة الرّاعي، حامل وحامي وحارس مجد لبنان الذي استحقَّ أن يُعطى له، كما من كلّ بطاركة الطّوائف المسيحيّة في لبنان، وبسبب الخطر الكيانيّ الوجوديّ المصيريّ الذي نواجهه في لبنان كشعب عموماً، وكمسيحيّين خصوصاً، إصدار تعميم على كلّ الأبرشيّات والرّهبنات المارونيّة في لبنان وبلدان الإنتشار اللّبناني، وكأنّه بيان رقم واحد، لإعلان التعبئة والجهوزيّة الرّوحيّة التّامّة، للاحتفال يوميّاً بالقدّاسات الإلهيّة (حيث يُمكن للكهنة) على نيّة انتخاب رئيس جمهوريّة مسيحيّ مارونيّ لا غشّ فيه (مُستلهماً ما وصف به السّيد المسيح نتنائيل الذي تكلّم عنه في إنجيله المقدّس: “ورأى يسوع نثنائيل مقبلًا إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي حقا لا غش فيه”)، وتكثيف الصّلوات لهذه الغاية كلّ في موقعه، بحسب برنامج يحدّده صاحب الغبطة، على أن يوضع العلم اللّبنانيّ على مذابح كنائسنا في لبنان والعالم، ليحاكي صليب الرب يسوع القائم من بين الأموات، ويتلو كلّ مطران أو كاهن خادم رعيّة، أو راهب في ديره، مع جماعة المؤمنين، صلاةً منشورة يكتبها غبطته من وحي هذه المناسبة الرّوحيّة – الوطنيّة، بل الحدث التاريخيّ غير المَسبوق، وكأنّي بغبطة البطريرك والسّادة المطارنة يعلنون حالة طوارئ روحيّة لإنقاذ لبنان، ودق ناقوس الخطر الذي نواجهه ككتلةٍ مسيحيةّ مؤمنةٍ مُتراصّةٍ في لبنان وأربعة أقطار العالم، بحيث نحملُ لبناننا الجريح النازف المخلّع، كما فعل الرّجال الأربعة الّذين حملوا المخلّع على فراشه، كما هو وارد في الإنجيل المقدّس، وَدَلّوه من سقف المنزل الذي نبشوه، ليواجهوا الرّبّ يسوع وجهاً لوجه، ويحرّكوا يده بإيمانهم العظيم فينعم ابن الله الحيّ على الرّجل الذي تشفّعوا به بالشفاء الذي كَرَّم به هؤلاء الرّجال المؤمنين الشّفعاء الشّجعان المُبادرين الّذين لا بدّ من أن نحذو حذوهم،فنبادر، ككنيسة حيّة، وعلى رأسنا بطريركنا قائدنا الرّوحيّ الذي يحمل معنا الوطن الجوهرة المُنهك القوى، المشلول، وهو المتألِّم على فراش عذابه، فنخترق به الجموع كما فعلوا، مُتخطّين كلّ العوائق مُذلّلين العقبات والحواجز، مُتحدّين أنفسنا أولاً ثم الأعداء، واثقين ومن دون أدنى شك بمحبة الله ورحمته لنا ولوطننا الذي نصل به إلى الرّب يسوع الطبيب الشّافي الّذي نقول له بإيمان لا يتزعزع وخشوع وجرأة أبناء الملكوت: “لتكن مشيئتك”! فيردّ علينا قائلاً: “لتكن مشيئتكم”!.. ويلمس لبنان، متجاوباً مع إيماننا الذي يخلّصنا، فيحرّره من أمراضه المُزمنة بما فيها النّزيف المستمرّ والتخلّع الدّائم ولا سيّما البَرَص السّياسيّ الذي يفتكُ به كما يفتك بأشباه رجال أهل الحكم فيه الضّالّين الفاسدين المُتحكمّين بمصير أرض وشعب ومؤسّسات، فيما إبليس سيّدهم يتحكّم بهم ليدحرجهم إلى الهاوية إن لم يرتدّوا ويتوبوا ويفكّوا ارتباطاهم به ويعلنوا ولاءَهم وبُنُوَّتهم لله خالق السّموات والأرض ويتمّموا مشيئته القدّوسة فينعموا بالحياة التي تليق بأبناء الله الأحرار بعد انتصارهم على عبوديّتهم.. وإلا يكون الهلاك مصيرهم فتلتهمهم نار جهنم !
وهكذا.. تستمرّ سلسلة القدّاسات والصّلوات وساعات السّجود إلى أن يستجب الرّب صلواتنا فيتمّ انتخاب رئيس للجمهورية (وليس تعيين بعد إجراء التسوية على ما جرت العادة!!!)، بعد لبننة الاستحقاق الرئاسي، فنفرح ونهلّل للرّئيس المنتخب الذي نفتخر به افتخاره بنا وافتخار الأرز به، فيكون مختاراً من الله الذي يعبده ويتّكل عليه له المجد لقيادة سفينة خلاص لبنان، مُستلهماً الرّوح القدس، فنصل معاً، بعد طول عذاب وصبر وانتظار، إلى أرض ميعاد لبنان الجديد الذي نحلم به وندشّن صرح خلاصه في عهد سلام هذا الرئيس المُرسل من الله، ويكون دستوره الأول الإنجيل المقدّس ويعلن هذه الحقيقة على الملأ!
إنّ حلم لبنان الذي يراودنا لن يتحقّق إلا على هذا النحو، وإن لم يبن رب البيت المسيحي الماروني الهيكل اللبناني الجديد.. فعبثاً يبني البناءون !
إنها مبادرة وطنيّة روحيّة أضعُها كمواطن لبناني مسيحي ماروني، بدالَّة البُنوّة، وَبإلهام من الرّوح القدس، في عهدة أبينا البطريرك بشارة الراعي، لكي يشفق الله علينا ويرحمنا ويتحنّن علينا فيرسل الرئيس الأب الرّاعي الصّالح لقيادة الشعب، كما فعل موسى في العهد القديم.. فننتقل معه، بعد أن يشقّ بعصا حكمته بحر مآسينا وآلامنا، من ضفة الظلام إلى ضفة النور، من أرض العبوديّة إلى أرض الحرية، من عهد الانحطاط إلى عهد الإزدهار.. والله له العزة والمجد والسّجود على كل شيء قدير، ونحن أقوياء بالذي يقوّينا: الآب السّماوي الذي له في لبنان أرزه الخالد الشامخ على قممنا شموخ المؤمنين المقاومين الشهود للحق حتى الاستشهاد الذي سطّرنا في كتابه آيات مجد مكتوبة بحروف من ذهب.. وعلى رأسنا بطاركتنا المقاومين الأبرار الأبطال!
وبعد انتخاب الرّئيس المنتظر، نحتفل بقدّاسات الشّكر بالطريقة التي نكون قد احتفلنا بها وفق برنامج قدّاسات وصلوات التوسّل والابتهال والاستغفار.. لبنانيّاً وعالميّاً بروح سماويّة!
/المهندس سيمون حبيب صفير/