والآن دعونا نتحدّث عن رموز المفاتيح التي تضمّنها الإنجيل الذي سمعناه لتوّنا.
هذا يذكرنا بنبوءة النبي إشعيا إلى العبد ألياقيم إبن حلقيا حيث قال :
“وألقي مفتاح بيت داود على كتفه، يفتح فلا يغلق أحد، ويغلق فلا يفتح أحد”
(إشعيا ٢٢:٢٢).
يمثّل المفتاح السلطة على منزل داود. وفي الإنجيل ورد قول آخر ليسوع وجّهه إلى معلّمي الشريعة والفريسيون الذين يلومهم الرب لإغلاق ملكوت السموات في وجوه الناس (متى ٢٣، ١٣).
كلّ هذا يساعدنا على فهم الوعد الذي قطعه يسوع على بطرس: فكونه أمين عن نشر رسالةالمسيح، أعطي له مفتاح ملكوت السموات، وكلّ ما يحلّه على الأرض يحلّ في السماء وكل ما يربطه على الأرض يكون مربوطًا في السماء (أعمال الرسل ٣، ٧).
إنّ صورة إعطاء المفاتيح وصورة الربط والحل تتشابهان من حيث المعنى وتكمّلان بعضهما.
إنّ عبارة “الربط والحل” تعود إلى اللغة الربانيّة وتشير إلى القرارات المذهبيّة من جهة وإلى السلطة التأديبيّة أي سلطة فرض العزل الكنسي أو رفعه.
إنّ الموازاة بين الأرض والسماء تضمن أن يكون لقرارات بطرس في تطبيق مهمّته الكنسيّة قيمة أمام الله.
في الفصل الثامن عشر من الإنجيل ووفقاً لمتّى الرسول، الذي يتناول الحياة في الكنيسة، نجد تأكيدًا آخرًا وجّهه يسوع لتلاميذه :
“الحق أقول لكم: ما تربطونه في الأرض يكون مربوطاً في السماء، وما تحلّونه في الأرض يكون محلولاً في السماء”
(متى ١٨، ١٨).
وينقل القديس يوحنا في نصّ ظهور المسيح على التلاميذ مساء الفصح كلام الربّ :
“خذوا الروح القدس. من غفرتم له خطاياه تغفر له، ومن منعتم عنه الغفران يمنع عنه”
(يوحنا ٢٠، ٢٢-٢٣).
على ضوء هاتين المقارنتين، يتّضح لنا أنّ سلطة الحل والربط تكمن في القدرة على مغفرة الخطايا.
تكمن هذه النعمة التي تبعد الفوضى والشرّ في سرّ الكنيسة وسلطتها.
فالكنيسة ليست جماعة أشخاص كاملين إنّما خطأة يجب عليهم الاعتراف بحاجتهم إلى محبّة الله وبحاجتهم الى أن يُطهروا بصليب يسوع المسيح.
إنّ كلمات المسيح فيما يخصّ سلطة بطرس والتلاميذ تبيّن أنّ قدرة الله هي المحبة التي تبسط نورها بدءاً من الجلجلة.
وبالتالي يمكننا أن نفهم لماذا في نصّ الإنجيل ورد بعد إعلان بطرس إيمانه للمسيح الإعلان الأوّل للآلام: في الواقع، هزم يسوع قوات الجحيم بموته، وبدمه أفاض على العالم نهراً من الرحمة يسقي بمياهه الطاهرة البشريّة بكاملها.
(البابا فرنسيس)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/