إنّ كلمات الإنجيل هي نقطة انطلاق تأمّلنا، هذه الكلمات التي تبيّن لنا ميزتين في شخص الرّب يسوع: هو ابن الآب وهو الذي يكشف لنا عن الآب.
إنّ كلّ شيء في الرّب يسوع يرجعنا إلى الآب: تعليمه وعمله وأسلوبه في الحياة (راجع يو5: 19-36؛ 8: 28؛ 14: 10؛ 17: 6).
فالآب هو محور حياة الرّب يسوع، والرّب يسوع بدوره هو السبيل الوحيد للوصول إلى الآب. "لا يَمْضي أحَدٌ إلى الآبِ إلاَّ بي" (يو14: 6).
إن الرّب يسوع هو نقطة لقاء البشر مع الآب الذي كشف لنا ذاته من خلاله: "مَن رآني رأَى الآب".
كيف يمكنك أن تقول: "أرِنا الآبَ"؟ ألا تُؤمِنُ بأنّي في الآبِ وأنَّ الآبَ فيَّ؟" (يو14: 9-10).
إنّ التجلّي الأكثر تعبيرًا عن علاقة الرّب يسوع بالآب نجده في الرّب يسوع القائم من الموت.
فحدث القيامة هو قمّة رسالة الرّب يسوع وأساس الحياة الجديدة الخالدة لأولئك الذين يؤمنون به.
لكنَّ الاتّحاد بين الآب والابن، كما بين الابن والمؤمنين، يمرّ في سرّ "ارتفاع" الرّب يسوع المصلوب بحسب العبارة النموذجيّة من إنجيل يوحنا.
ويشير الإنجيلي من خلال عبارة "الارتفاع" إلى صلب الرّب يسوع المسيح كما إلى تمجيده؛ هاتان الحالتان تنعكسان على كلّ مؤمن: "فلذلِكَ يَجِبُ أن يُرفَعَ ابنُ الإنسان، لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأبديّةُ لِكُلِّ مَن يؤمِن.
فإنَّ اللهَ أحبَّ العالَمَ حتّى إنّه جادَ بِابنِه الوحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأبدِيّة" (يو3: 14-16).
إنّ هذه الحياة الأبديّة ليست سوى مشاركة المؤمنين في حياة الرّب يسوع القائم من بين الأموات والدّخول في تيّار المحبّة الّذي يوحّد الآب والابن الّذين هما في الأساس واحد (راجع يو 10: 30 + يو 17: 21-22).
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/