الفريسيون والصدوقيون يمثلون التاريخ الأسود للشعب اليهودي، إنهم أهل الظلمة، الذين عبدوا الحرف ومقتوا الروح، الذين نبذوا الحق وعبدوا الباطل، الذين فضلوا السبت على الانسان والشريعة على رب الشريعة، الذين حملوا الناس أحمالاً كثيرة ولم يتحملوها هم قبلهم... ها هم يتفقون على تجربة المسيح ليحرجوه فيخرجوه، سائلين إياه أن يريهم آيةً من السماء.. إن مجتمعنا البشري المعاصر، يطلب علامات سماوية قاطعة ومثبتة علمياً كي يؤمنوا!!!
وربما لا يؤمنون، لان طريق الإيمان لا تمر بالمختبرات، بل بالاختبار العميق للذات الذي يقود الى الطاعة التي تبني وتشدد الإيمان..
عندما طلب موسى إثباتاً من الله أن دعوته حقيقية وليست وهماً، أتى الاثبات بعد الطاعة وليس قبلها.
اذ أجابه الله:"إني أكون معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك: حينما تُخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل"(خروج ٣ / ٢).
الأكثرية الساحقة من الناس تطلب برهاناً قاطعاً وعلامات حسية يقبلها المنطق كي تؤمن.. بالنسبة لهم تأتي الحقيقة من خلال المنطق. لكن بحسب الكتاب المقدس فإن الحقيقة تأتي بواسطة الطاعة.
والدليل أن الكثير من شخصيات الكتاب المقدس لم يكن عندهم الرغبة بأن يفعلوا إرادة الله، ولكن عندما فعلوها تقوّى إيمانهم وازداد..
الطاعة صعبة على إنسان اليوم لأنها تتحدى الذات وما فيها من ذكاء وشعور بالكبرياء ومشاعر تفوق التي تمنع عليه القبول والاتباع.. أليست هذه المشكلة الاساسية في الحياة الزوجية؟ من يتبع من ومن يطيع من؟؟ وكذلك في الحياة الاجتماعية.. أليست مأساة الانسان الكبيرة أنه متكبر ومتشبث لدرجة يشعر فيها أن قبوله الاخر المختلف عنه هو ضعفٌ وهزيمة وخسارة لا تعوض؟؟!!!!
من منا لا يخاف أن يمد يد المبادرة أولاً لمصافحة من اختلف معه؟؟ من منا لا يقع يومياً في فخ العناد البشع والنزعات المظلمة والضيقة؟؟
طريق الإيمان تبدأ بالطاعة التي تقود الى الفعل ومن ثم الخضوع والتسليم الكُلِّي لارادة لله التي تولد الإيمان.
"إن المجتمع البشري قد فقد شعوره بالله لأنه فقد قدرته على طاعة الله"(رافي زكاريوس)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/