منذ تشرين الأول ٢٠١٩ إشتدّ الخناق على سقف السحوبات المصرفية وتدنى إلى حدّ تساوى فيه أصحاب الثروات الكبيرة والودائع الضخمة مع أصحاب المداخيل المحدودة الصغيرة، إذ ترى الأغنياء يقفون على مداخل المصارف (حيث كنزهم) منتظرين قبض القليل القليل من مدخراتهم ولا يفلحون!!
لست أدري ما الذي يدور في ذهنهم في تلك اللحظة ولكن من المؤكد أنهم يعلمون الآن أكثر من أي وقت مضى أن تلك الكنوز لا قيمة أبديّة لها، ولا تضمن لهم طمأنينة مستدامة، لا بل تسبب لهم الكثير من القلق والتوتر النفسي والاجتماعي، في حين أن الفقراء لا يتأثرون مباشرة بالتدابير المصرفية الصارمة لأنهم لا يملكون الودائع داخلها...أظن أن الأغنياء يعلمون الان أن تلك الأكياس تبلى وتلك الكنوز تنفد والسارقون اقتربوا منها في وضح النهار تحت ظلّ الشرعية وسوس الهندسات المالية أفسدها بأجمل العبارات داخل أرقى الصالونات!!!
لا أستطيع عبور المشهد دون التوقف بإجلال أمام الآباء والأمهات الذين ختموا نهارهم وهم يتبلغون قرار صرفهم من العمل وانقطاع دخلهم مباشرة في اليوم التالي وهم ينظرون إلى السماء واضعين رجاءهم عند أبي الانوار الذي " يَشُدُّ وَسْطَهُ، وَيُجْلِسُهُم لِلطَّعَام، وَيَدُورُ يَخْدُمُهُم" لأنهم منذ البداية أوساطهم كانت مشدودة وسرجهم موقدة...
ُيريد الرب ان تكون خيرات الدنيا في تصرفنا، نملكها، نصنعها، نشتريها أو نبيعها ساعة نشاء، أما خيرات السماء يريدها ان تكون في قلبنا، هي تملك فينا وعلينا..
"طُوبَى لأُولئِكَ العَبِيدِ الَّذينَ، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُم، يَجِدُهُم مُتَيَقِّظِين"
يريد الرب أن يكون هو كنزنا الوحيد، ساعتئذٍ يهدأ القلب ويطمئن ويجد له راحة أبدية.
فالمعادلة واضحة وهي لعبة أولويات،البداية من القلب مركز المشاعر والأحاسيس الحقيقية التي تحدد إتجاه حركته.
حيث الكنز هناك القلب، أي حدد من هو كنزك تضمن سلامة قلبك.
فإذا أردت السلامة المرورية في هذا العالم دون أزمات قلبية ضع كل مدخراتك في بنك الحب الالهي واسترح.
ربي، "لك كل ما في السماء والأرض" (١اخبار ٢٩ / ١١)، أريد ان اقدم إليك نفسي " تقدمة طوعية" ( تث ١٦ / ١٠) وان أكون لك على الدوام. ربي اني " باستقامة قلبي" ( ا اخبار ٢٩ / ٢٧) أقرب لك ذاتي اليوم لأكون خادمك الى الأبد. (الاقتداء بالمسيح)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/