العالم عطش رغم كل المياه المتوفّرة فيه.. هو عطش إلى المعنى الذي يخسره يوماً بعد يوم...
هو عطش إلى الجوهر في العيش والعلاقات والاشياء...
هو عطش إلى الإنسانيّة رغم النمو الكبير في عدد الناس...
هو عطش إلى الحب الصافي النقي والطاهر...
هو عطش إلى الأمومة الدائمة والمستمرة وإلى الأبوّة الحانية..
العالم عطش إلى القناعة وإلى الرؤية الإيجابية...
هو عطش إلى رؤية الزاوية المضيئة من الأرض لا الزاوية المظلمة..
.الى القسم الملآن من كوب المياه لا إلى القسم الفارغ..
في ليلة رأس السنة، جلس المؤلف الكبير أمام مكتبه، و أمسك بقلمه، و كتب :
"أجريت عمليةً لإزالة المرارة و لازمت الفراش عدة شهور، بلغت الستين من العمر فتركت وظيفتي المهمة في دار النشر الكبرى التي أنفقت ثلاثين عاماً من حياتي في العمل فيها، و توفي والدي، و رسب إبني في إمتحان بكالريوس الطب و الجراحة لتعطله عن الدراسة عدة شهور بعد إصابته في حادث سيارة...يا لها من سنةٍ سيئة!!!"
دخلت زوجته غرفة مكتبه، و لاحظت شروده، فإقتربت منه، و من فوق كتفه قرأت ما كُتِب، فتركت الغرفة بهدوء... و بعد عدة دقائق عادت و قد أمسكت ورقةً أخرى، و وضعتها بهدوء بجوار ورقة زوجها...
تناول الزوج ورقة زوجته و أخذ يقرأها :
"في العام الماضي، شُفِيت من آلام المرارة التي عذبتك سنينًا طِوالًا... و بلغت الستين و أنت في تمام الصحة و العافية، و ستتفرّغ للكتابة و التأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتابٍ مهم... و عاش والدك حتى بلغ سن الخامسة و الثمانين دون متاعب و تُوفيِ بهدوء بدون أن يتألم... و نجا إبنك من حادث سيارة و شُفي بدون مضاعفات أو عاهات، كما أنه يقدر أن يتقدم للإمتحان مرةً أخرى بعد أن يستعد له...
يا لها من سنةٍ تغلّب فيها حظنا الحسن على حظنا السيء!!!!"
أرونا يا رب من مياه نعمتك في الفشل والنجاح في الفقر والغنى، في الصحة والمرض، في الضعف والقوة، في الفرح والكآبة، في الموت والحياة ، أعطنا نعمة القناعة في كل شيء، وألّا نملّ من شكرك إلى الأبد. آميـــــــن.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/