شاب ترك الصلاة كان عائداً من رحلة.
وفجأة رأى مسبحة على الأرض، وكانت أوّل ردّة فعل له أن يتركها ويتابع سيره.
لكن حبّه الدفين لمريم العذراء منعه من ذلك، فإلتقطها وقال :
"لا يمكنني أن أردّها لصاحبها، سأعطيها لمريم العذراء، وسأضعها عند هيكل العذراء في أول كنيسة أصادفها".
وبالفعل دخل أوّل كنيسة، وعندما وصل إلى هيكل العذراء، سمع صوتاً داخلياً يقول له :
"أتلُ المسبحة قبل أن تضعها على الهيكل وتذهب".
وبعدما صلّى المسبحة، تأثّر جداً، وشعر بصوت يدعوه إلى الكهنوت.
فكّر كثيراً ، ثم قبل الدعوة وأصبح كاهناً.
ومنذ يوم رسامته، كان يتلو المسبحة التي وجدها في الطريق بتقوى كبيرة لأنها كانت السبب في رجوعه إلى الله وفي وصوله إلى سرّ الكهنوت.
وبعد بضع سنوات، عيّنه الأسقف مسؤولاً عن مستشفى.
كان يزور المرضى يومياً ويصلّي لمن يطلب منه ذلك.
دخل يوماً غرفة مريض، وما إن رآه المريض حتى قال :
"لا تكلّمني عن الله فأنا ملحد".
حاول الكاهن ان يُكلّم المريض بلطف، لكن المريض رفض، فقال الكاهن :
"حسناَ سأتلو اليوم المسبحة عن نّيتك".
أجاب المريض :
"لا أريد أن أسمع كلمة "مسبحة".
أجاب الكاهن :
"لكن صلاة المسبحة لا يمكن إلاّ أن تفيدَك".
أجاب المريض :
"بل هي سبب شقائي وتعاستي".
قال الكاهن :
"كيف"؟
أجاب المريض :
"إسمع قصّتي مع المسبحة"...
عندما كنت صغيراً، كنت أصلّي المسبحة مع والدتي كلّ يوم.
وعندما كبرت، ذهبت إلى المدينة، فعملت فيها.
وهناك تعرّفت على رفقاء سوء أبعدوني عن الله وعن الصلاة.
ويوماً ما إستدعوني إلى القرية حيث كانت تسكن والدتي، لأنها كانت على فراش الموت.
وهناك طَلَبتْ مني وعداً أن أصلي ولو قِسماً من المسبحة كل يوم.
خجلت منها ووعدتُها.
عندئذ أعطتني والدتي مسبحتها التي كانت تصلّي بها منذ سنين.
وعندما كنت في طريق عودتي إلى المدينة، همس الشيطان في قلبي قائلاً :
"تخلّص من هذه المسبحة اللعينة، وإرمها على الأرض".
رميتها، ومنذ ذلك اليوم لم أعرف طعم الراحة، لا بل أشعر أنّي أصبحت ملعوناً.
تأثّر الكاهن وسأل المريض عن السنة وعن الشهر الذي حصل فيه ذلك، ثم أخرج المسبحة من جيبه وسأل المريض :
"هل سبق ورأيت هذه المسبحة؟".
فصاح المريض :
"بل هي مسبحة والدتي".
فقال الكاهن :
"انظر، المسبحة التي كانت سبب تعاستك كانت سبب سعادتي، لأنها هي التي قادتني إلى الكهنوت.
خذها وإبدأ من جديد حياة سعيدة هنيئة...".
نلتقي غداً بخبريّة جديدة.
خبريّة وعبرة
الخوري جان بيار الخوري