كتب : د . أحمد محمود جبر الشريدة – باحث أكاديمي في علوم البيئة الطبيعية - الأردن.
الانفجار المريع الذي حدث في مرفأ مدينة بيروت اللبنانية عصر يوم الثلاثاء ٢٠٢٠/٨/٤ ، والذي أحدث دماراً كبيراً في المرفأ والقسم الأكبر من مدينة بيروت والمحاذي للمرفأ ، سيكون له تداعيات متعددة ومتنوعة على جيولوجية المنطقة ومناخها وطقسها وبيئتها ، وستتأثر به بشكل مباشر دائرة قطرها حوالي ٢٢٠ كليو متراً ، وتشمل الأراضي اللبنانية والمنطقة الجنوبية الغربية من سورية وشمال فلسطين وشمال الأردن حتى العاصمة الأردنية عمان تقريباً وجزيرة قبرص .
التأثيرات الجيولوجية :
ذكر مرصد الزلزال الأردني أنّ قوة إنفجار مرفأ بيروت أطلق طاقة تفجيرية بما يعادل (٤.٥ ) درجة على مقياس ريختير – المكون من ١٠ درجات - والحمد الله فإن مياه بحر بيروت ( البحر الأبيض المتوسط ) قد إمتصّت الجزء الأكبر من الطاقة المتحرّرة والمتولدة من الإنفجار – ولولا ذلك لكانت الخسائر العمرانية والإقتصادية فادحة ولا يمكن تصورها....!
علماً بأنّ الإنفجار سوف يؤثر على الحركة التكتونية للصدع السوري – الإفريقي ( حفرة الإنهدام ) والبالغ طولها (١٢٠٠) كيلومترا من جبال طرووس (تركية ) مروراً بسهل الغاب (سورية ) ووادي البقاع ( لبنان ) وسهل الحولة وبحيرة طبرية ( فلسطين ) ووادي غور الأردن والبحر الميت وخليج العقبة ( الأردن ) وصولاً إلى البحيرات الإفريقية ، الأمر الذي سوف يؤثر على الحركة التكتونية للصدع في تسارع أقصى بدرجة (0.2- 0.4 G) علماً بأنّ منطقة ذات نشاط زلزالي من الدرجة الثانية.
علماً بأنّ الصفيحة العربية ومنذ أكثر من (٢٠) مليون سنة تتحرك شمالاً بمعدل ( ٢- ٤ ) سنتمتر سنوياً بإتجاه الصفيحة التركية وعلى طول فالق حفرة الإنهدام العربي – الإفريقي والذي يعتبر البحر الأحمر إمتداد له.
وسيعمل إنفجار مرفأ بيروت بتحرير جزء من الطاقة الإنفجارية عبر هزات أرضية متوسطة الشده حيث تمتاز بالإزاحة الجانبية وليس التصادم مما يخفف من الآثار السلبية على المنطقة ؛ على أن تختزن الطاقة الباقية تحت سطح الأرض وعلى طول هذا الفالق وخاصة في منطقة ما يعرف ب ( الفجوة الزلزالية – Seismic Gap ).
التأثير على فوالق لبنان :
يوجد في لبنان أربع فوالق رئيسية هي " اليمونه " و" روم " و " سرغايا " و " راشيا الوادي" ، ويعد فالق" اليمونه" من أكبر فوالق في شرق المتوسط في حين يتفرع منه فالق " روم " جنوباً بإتجاه البحر الأبيض المتوسط ، سيؤثر إنفجار مرفأ بيروت جيولوجياً على تلك الفوالق الأربع ؛ ولكن التأثير الاكبر سيكون على فالق "اليمونه " نظرا للقرب الجغرافي والأشدّ تأثيراً على فالق "روم " حيث من المتوقع حدود حركات تكتونية متوسطة القوة إضافة إلى حدوث عمليات إزاحة جانبية وطولية بدرجة (0.2- 0.6 G).
التأثيرات المناخية والبيئية
سيحدث إنفجار مرفأ بيروت إنعكاسات متنوعة ومتعددة على أحوال المناخ والبيئة في بلاد الشام خلال الموسم المطري الحالي ٢٠٢١/٢٠ م ؛ حيث من المتوقع بدء " دورة مناخية طارئة " بسبب تشكل سحابة قاتمة على إرتفاعات عالية كانت من نواتج الإنفجار أن تؤدي إلى برود في الطقس وخاصة في الليل ومن المتوقع إنخفاض حاد( تطرف ) في درجات الحرارة إنخفاضاً وإرتفاعاً ؛ ومن المتوقع حدوث أمطار غزيرة لفترات قصيرة وفترات من الجفاف ؛ ستؤدي إلى محدودية الأراضي وتدهور نوعيتها ؛ إضافة إلى تدهور المناطق البحرية والساحلية.
ومن المتوقع أيضاً حدوث موجات " تسونامي " في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ؛ والأمر المؤكد سقوط الأمطار الحامضية في أشهر أيلول سبتمبر تشرين أول وثاني / وأكتوبر نوفمبر ٢٠٢٠ م لذا ينصح بعدم التعرض المباشر وغير المباشر للأمطار تلك الشهور وذلك لخطورتها لأنها تعمل معها ( ذرات النترات المتكافئة ) ومن الممكن أن يؤدي تفاعلها مع المياه إلى الإصابة بسرطان الجلد ( الميلينوما ) – لا قدر الله –
التوصيات :
١ - الدعوة لإنشاء شبكة إقليمية للرصد الزلزالي في دول المنطقة وربطها بمحطة تسجيل مركزية وتأسيس هيئة مشتركة لإنشاء خرائط ( التمنطق الزلزالي ) لتحديد مدى تعرض كل منطقة ومقاومتها للزلزال بهدف الحد من المخاطر الزلزالية .
٢ - إعادة تحديد البؤر الزلزالية وميكانيكية الحركة للأحداث الزلزالية المحلية وإجراء الدراسات البنيوية والتكتونية والتكتونيك النشط ضمن أراضي هذه المنطقة ؛ وذلك للتخفيف المخاطر والخسائر البشرية والاقتصادية .
٣ - تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة في التوعية والتثقيف والإرشاد يهدف تخفيف حجم الأضرار التي قد تنجم عند حدوث الهزات الأرضية – لا قدر الله.
٤ - إنّ الإجراءات والتحضيرات في مجال السلامة العامة والتي يمكن إتخاذها من قبل السلطات الحكومية قبل حصول الزلزال تسهم في خفض الخسائر البشرية والإقتصادية إلى حوالي (٧٠%) حسب ما هو متوقع .
٥ - وأخيراً ليس بمقدور أحد أيًّا كان التنبؤ أو نفي حدوث زلزال في مكان ماء أو في وقت معين ..
هذا والله وحده أعلم ...
/خدّام الرب/