يسوع هو حليف المساكين، نصير المأسورين، نور العميان، أمل المقهورين، ورجاء المستضعفين والمستعبدين في المجتمعات التي تدعي الانسانية...يهمه جوهر الانسان، أكثر من الانتماءات الخارجية والممارسات الطقسية .. يهمه داخل الكأس لا خارجه.
لم يطلب من أحد أن يتجند عنده أو يتحزب لفكره، لم يطلب الطاعة العمياء من أتباعه بل العمل بمشيئة من أرسله، أي الطاعة الداخلية المغلفة بالحب والمكللة بالمجد والكرامة...
لم يطلب من أتباعه التعلق بالحرف الخارجي الذي يقتل، لذلك لم يؤسس منظمات تحكمها تشريعات، بل كنيسة يقودها الروح القدس الى الحق كله.. لم يكن مُنظّرا لأي فكر بشري فلسفي كان أو اجتماعي – اقتصادي بل أخصب البشرية بالحب والحنان وزرع الامل والرجاء في داخل صحراء العالم، ...
كل ملوك العالم تقبع في القصور التي تلمع من الخارج وتعكس سلطانهم وتجبّرهم على الشعوب وتقود المعارك من بعيد، أما يسوع فقد سار في الطليعة، حاملا الموت وحيدا على كتفيه، ماسكا بيدنا، متحملا عنا أوجاع الولادة الثانية، جالسا على عرش الصليب، حيث أعطانا جسده مأكلا ودمه مشربا لتكون لنا الحياة وافرة ومتوفرة في كل حين..
برهن لنا يسوع أن "الاولين آخرين والآخرين أولين" في الحصول على السعادة الداخلية، وجعلها ممكنة لفقراء العالم أكثر من الاغنياء رغم كل امتيازاتهم الخارجية، وللضعفاء أكثر من المقتدرين، وللمهمشين أكثر من أصحاب الشارات والامتيازات...
برهن لنا أن النصر في معركة الحياة لا يكون عن طريق تحطيم الاعداء بل تحويلهم من الداخل الى أصدقاء، من خلال الغفران الداخلي الذي يخلق قوة عجيبة في قلب الانسان تعيده الى طبيعته ونزاهته وأخلاقه وتعطيه فرصة ذهبية كي يولد من جديد...
أعطنا يا رب روحك القدوس كي يعمل فينا بتلك الانّاة التي لا توصف ويُشعل في داخلنا ناراً تطهر كل خبثٍ استوطن مفاصل حياتنا، وكل شرٍ تربع على ملاكاتنا العقلية ومواهبنا الفكرية، كي يصبح داخل هيكلنا نظيفاً ومستعداً لاستقبالك أنت ملك قُلُوبنا وحبيب عمرنا ومشتهانا الذي لا نشبع منه...آمين.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/