كان رجل ثري يزور معرضاً للرسم فرأى لوحة جذبت إنتباهه كما جذبت أنظار الآخرين.
كانت اللوحة لأرملة فقيرة يحيط بها أطفالها وقد طُردت من مسكنها وهي تقف تتذلّل لرجل هو صاحب البيت وتتوسّل إليه بدموع ألّا يطردها، والرجل القاسي يظهر في اللوحة وهو يطردها مع الأطفال بكل قسوة وعيون الأطفال تنظر لهذا القاسي بنظرات الخوف والرعب ولكن واحداً منهم كان ينظر إليه بنظرة التحدّي.
والغريب أنّ هذا الثري تسمّرت قدماه وهو ينظر إلى تلك اللوحة لأنه قد تذكّر هذا الموقف أنه هو ذاك الرجل القاسي وأخذ قلبه ينبض والعرق يتساقط من جبينه إذ رأى عمله أمامه وأراد أن يشتري تلك اللوحة وذهب إلى الرسّام الذي رسمها وقال له :
"أريد أن أشتري هذه اللوحة".
ووقف الفنّان وهو ينظر إليه بتحدّي وقال :
"لن أبيع تلك اللوحة أبداً وستظل هنا ليراها العالم كله".
فبادره الثري وقال له :
"ولماذا؟"
فقال له :
"لأنّ هذه الأم هي أمّي وأنا أحد هؤلاء الأطفال".
وإستدار الثريّ ليهرب من أمامه، فقال له الفنان :
"وأنت هذا القاسي الذي لم يرحمنا".
فتسمّرت قدميّ الثريّ وهو يحاول أن يلملم أشلاء نفسه ولكن الفنّان إستمرّ في حديثه بصوت عالي وقال :
"هل تضايقت لأنني وضعت أمامك أحد أعمالك القاسية ولكني أقول لك أمام اللـه سترى كل أعمالك قائمة لتحاسب عليها".
عزيزي القارئ...
تصوّر لو أنّك زرت معرضاً للصور فوجدت حياتك في هذه الصور، وجدت ما فعلت قائماً أمام عينيك فما هو شعورك؟
ولكنني أقول لك أنّنا جميعاً سنقف أمام اللـه لنحاسب على حياتنا سنرى ما فعلناه ولكننا سنكون في زمن العدل، في زمن الحساب.
إنّنا الآن نحيا زمن الرحمة، زمن يمكننا فيه أن نصنع صوراً أخرى لحياتنا غير تلك الصور التي قد نخزى منها، ولكن إن عبرت بنا الأيام والسنون وإنتهت هذه الفرصة سنقف أمام اللـه لنحاسب بعدل.
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. وَارْحَمُوا الْبَعْضَ مُمَيِّزِينَ، وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ".
(رسالة يهوذا ١: ٢٠-٢٣)
#خبريّة وعبرة
/خدّام الرب/
أضغط هنا... للإنتقال إلى صفحاتنا على سوشيال ميديا