لسماع التسجيل أضغط على الرابط التالي :
«مار عَبدا المشَمَّر» شَفيعُ الأَطفال (٣١ آب)
إِرتَبَطَ إسمُ مار عَبدا «المشَمَّر»، أيّ السَّاهِر، بِبَقايا كَنيسَةٍ قَديمَةِ العَهد، بُنِيَتْ على تَلَّةِ المشَمَّر قُرب نَهرِ الكَلْب.
وهَذا ما تُبَيِّنُهُ الهَندَسَة والّتي بُنِيَ الدّيرُ على أسُسِها.
فَقَد كانَتْ التَّلةُ مَركَزًا لِلنُّسّاكِ والعُبَّادِ مُنذُ أَجيال، قَبلَ أن يُشَيَّدَ الدَّيرُ الحاليّ.
وقَد تَعودُ إلى ما قَبلَ القَرنِ السّابِعِ لِلميلاد، عِندَما قَدِم إلى لبنان في القَرنِ السّادسِ عَدَدٌ وافِرٌ مِنَ الرُّهبانِ لِلإهتِمامِ بِتَنشِئَةِ الّذين تَنصّروا على يَدِ تَلاميذ سِمعان العَمودي.
وكانوا عادَةً يَقْطُنونَ قُربَ الهَياكِل والمَعابِد الوَثَنِيَّة، الّتي كانَ أَكثَرُها على الجِبالِ والتِّلال، فَيُحَوِّلونَها إلى مَناسِك وكَنائِس.
وَنَعرفُ مِن خِلالِ تاريخ «النَّصرانِيّة»، أنَّهُ على أَثَرِ الفَتح الإسلامِيّ، كانَ دَيرٌ على إسمِ مار عَبدا، في مَدينَةِ سامَرّا، الّتي تَبعُدُ مِن بغداد حَوالي مائَة كيلومِتر إلى الشَّمال.
فَطُرِدَ الرُّهبانُ آنَذاك، والتَجَأَ قِسمٌ مِنهُم إلى لبنان.
وَرُهبان «دَير سامَرّا» الّذين حَلّوا على تَلَّةِ المشَمَّر، حمَلوا مَعَهم ذَخائِرَ القِدّيس عَبدا، الّذي كانَتْ قَداسَتُهُ ذائِعَة في ذَلِكَ العَصر، وحَوَّلوا الهَيكَلَ الوَثَنِيّ إلى هَيكَلٍ مَسيحِيّ، وقَطَنَ فيهِ راهِبٌ يُدعَى عَبدا أَيضاً، ويَعْني خادِم اللّه.
أَمْضى عَبدا حَياتَهُ على تَلَّةِ المشَمَّر، عابِدًا وساهِرًا يُصَلّي، داعِيًا النّاس إلى التَّخَلّي عَن عِبادَةِ البَعل الفينيقِيَّة، يَبْكي ويَستَصرِخُ ضَمائِرهُم وعاطِفَتَهُم الأَبَوِيَّة، كَي لا يُقَدِّموا أَطفالَهم ذَبائِحَ بَشَرِيَّة.
بعدَ أن حَوَّلَ الفينيقِيّين إلى عِبادَةِ المَسيح، ومَنَعَ مُمارَسَة طُقوسِهِم الشَّنيعَة، أَخَذَ يُبَشِّرُهُم بِالإنجيلِ ويُعَمِّدُ أَطفالَهُم.
هَكَذا غَدا هَذا النّاسِكُ القِدّيسُ شَفيعَ الأَطفالِ والنِّساء العَواقِر.
هَذا المَزار العَجائِبِيّ يَقصِدُهُ المُؤمِنونَ في طَلَبِ حاجاتِهِم، واللّه أَنعَمَ على الكَثيرين، وما زالَ، بِشَفاعَةِ صَفِيَّه مار عَبدا.
وَبَقِيَتْ هَذِهِ التَّلَّة على مَدَى الأَجيال، مَركزًا لِعِبادَةِ اللّه الحَيّ يَتَوافَدُ إلَيْها النّاس مِن الجِوار، والأَماكِنِ البَعيدَة، مُتَناقِلينَ أَبّاً عَن جَدّ، أَخبارَ مار عَبدا وقُدرَةَ شَفاعَتِه.
وما زالَ الدَّيرُ الّذي بُنيَ على إسمِهِ مَحجّةً لِلعائِلاتِ المُتَلَهِّفَة لِطِفلٍ يَزرَعُ الفَرحَةَ والأمَلَ فيها. صلاته معنا. آمين.
وفيه أيضاً :
تذكار القديس إيجيديوس
ولد إيجيديوس نحو سنة ٦٤٠ في مدينة أثينا من أبوين تقيين من أصل ملوكي، هما تاودورس وبيلاجيا، ربياه على حب الفضيلة ومخافة الله.
وإختارا له أقدر الأساتذة فدرس العلوم عليهم ونبغ فيها، كما إمتاز بميله إلى الفضيلة بحيث لم يكن يُرى إلاّ مصلّياً أو دارساً.
ولما بلغ الرابعة والعشرين من عمره، فجع بموت والديه، فزهد في الدنيا وتفرغ لممارسة الصلوات والإماتات وأعمال الرحمة حتى جاد بالثياب التي عليه.
فكافأه الله بصنع العجائب كشفاء المرضى وطرد الشياطين، وإشتهرت قداسته فتقاطرت الناس إليه تلتمس شفاعته وصلاته.
ولتواضعه العميق ورفضه لكل مجد عالمي، باع أملاكه ووزّع ثمنها على المساكين وهجر وطنه قاصداً بلاد المغرب.
وفي طريقه هدّأَ بصلاته زوبعةً وخلص المركب من الغرق، ونزل في جزيرة حيث أقام ثلاثة أيام عند ناسك آنسه وشاركه في الصلاة والإماتة.
وأقلع من هناك إلى مرسيليا ومنها إلى مدينة أرل حيث كان يعيش من الصَدَقة.
ثم دخل مغارة محاطة بأشجار السنديان وعلى بابها الأعشاب والأشواك وبقربها عين ماء غزيرة، أقام في تلك المغارة كل حياته مثابراً على الصلاة والتأمل، لا يأكل سوى العشب ويغتذي بحليب غزالة آوت إليه.
وكان ذات يوم، بعض أعوان الملك يصطادون فطاردت كلابهم تلك الغزالة فلجأت إلى مغارة القديس فلاحقوها ورماها احدهم بسهم من الخارج أصاب يد القديس وسال منها الدم، فتألم كثيراً، لكنه لم يفه بكلمة.
فرفعوا الشوك عن باب المغارة ورأوا القديس جاثياً يصلي والدم يسيل منه فإندهشوا ووقعوا على قدميه مستغفرين، وضمدوا جراحه وطلبوا بركته وقفلوا راجعين وأخبروا ملكهم بما جرى.
فتأثر جداً، ثم جاء هو والأسقف أريجيوس لزيارة القديس إيجيديوس في مغارته فإستأنس بهم وقصّ عليهم سيرته.
فأعجبوا به.
ووهبه الملك الأراضي المجاورة للمغارة لينشئ فيها ديراً لمن يريد الإقتداء به بطريقته.
ثم رسمه الأسقف كاهناً فأنشأ القديس ديراً إمتلأ بالرهبان.
ثم ذهب إلى روما وقابل قداسة البابا مبارك الثاني (٦٨٤ – ٦٨٥) الذي باركه وبارك ديره.
وبعد أن أعطي فعل العجائب في حياته عَلِم بدنو أجله فجمع رهبانه وأوصاهم بالمحبة والإلفة وحفظ النظام والقانون وإقتبل الأسرار المقدّسة ورقد سنة ٧٢٠.
صلاته معنا. آميـــــــن.