لسماع التسجيل أضغط على الرابط التالي :
تذكار القدّيسين الفتية السبعة المستشهدين في أفسس
في أيام داكيوس إذ تولى داكيوس (ديسيوس) الحكم سنة ٢٥٠ م أثار الإضطهاد ضد المسحيين، وقد زار أفسس وطلب من أشرافها أن يقدموا الذبائح للأوثان، مستخدمًا كل وسائل العنف، فتحولت المدينة كلها إلى حالة من الرعب.
وشى البعض لديه بأن جماعة من الشبان في القصر لا يطيعون أمره، هم مكسيمليانوس - يمليخا - مرتيلوس - ديونيسيوس - يؤانس - سرافيون - قسطنطينوس - أنطونيوس.
أحضرهم الإمبراطور وسألهم أن يذبحوا للأوثان وإذ رفضوا جردهم من رتبهم وأعطاهم فرصة للتفكير.
قام الشبان بتوزيع أموالهم على الفقراء، وإنطلقوا سرًا إلى كهف كبير في جبل أنجيلوس Ochlon يمارسون العبادة منتظرين لقاءهم الثاني مع الإمبراطور عند عودته، إذ ترك المدينة إلى حين، وكان معهم بعض الدراهم.
كان يمليخا يرتدي ثوبًا باليًا، ينزل من حين إلى آخر إلى المدينة ليشتري ما هو ضروري لهم.
عاد يمليخا بعد فترة يؤكد لزملائه مدى ما وصلت إليه المدينة من إضطراب بعودة الإمبراطور إليها.
إستدعى الإمبراطور آباء هؤلاء الشبان وهدّدهم بالموت، فقالوا له إن الشبان قد سلبوا مالهم وبددوه على الفقراء وأنهم مختفون في كهف في الجبل لا يعرفون إن كانوا أحياءً أم أمواتًا.
عندئذ أخلى سبيلهم، وأمر أن يُسد باب الكهف بحجارة ليصير لهم قبرًا وهم أحياء.
وإذ كان أنتودورس وآوبوس وكيلا الملك مسيحيين مؤمنين سرًا، تشاورا معًا، وكتبا إيمان هؤلاء الشبان على صحائف توضع داخل صندوق نحاس يُختم ويترك عند مدخل الكهف إكرامًا لأجساد القديسين.
في أيام ثيؤدوسيوس بن أركاديوس بقيّ الحال هكذا وقد رقد الرجال وصاروا أشبه بمن هم نعاس حتى ملك ثيؤدوسيوس الصغير سنة ٤٠٨ م، وكان رجلاً ورعًا تقيًا.
وإذ ظهرت في أيامه بدعة تنكر قيامة الأجساد، إضطرب الملك نفسه وتشكك، فلبس المسوح وإفترش الرماد خفية يصرخ إلى الله طالبًا أن ينزع عنه هذه الوساوس.
إذ كان راعِ للغنم يود بناء حظيرة بجوار الكهف بدأ رجاله يقلعون الحجارة فنزعوا حجارة باب الكهف، وإذا بالفتية في اليوم التالي يقومون بأمر إلهي لرسالة خاصة، قاموا كمن كانوا في نوم ليلة واحدة.
نزل يمليخا إلى المدينة ومعه بعض الفضة ليشتري بعض الضروريات، وكم كانت دهشة إذ رأى علامة الصليب منحوتة على باب المدينة، حتى إختلط الأمر عليه هل كان هو في حلم أم في حقيقة.
فقرّر أن يشتري خبزًا وينطلق إلى اخوته يتباحث معهم في الأمر.
وإذ قدّم بعض الدراهم للخباز دهش الرجل إذ وجدها ليست العملة السائدة في أيامه، وظنه أنه وجد كنزًا يرجع إلى أيام داكيوس (ديسيوس).
رآه الكل شابًا غريبًا، فسألوه عن أصله وجنسه، فأجابهم أنه من المدينة وأنه كان يعمل في القصر فحسبوه مجنونًا.
هاجت المدينة كلها، وإذ سمع الأسقف ماريس إستدعاه، وكم كانت دهشته إذ وجد نفسه في كاتدرائية أمام أسقف، فأخذ الشاب يروي له قصته مع زملائه الشبان، فلم يصدق شيئًا.
عند الكهف إنطلق يميلخا ومعه الأسقف وكبار القوم إلى الكهف للتأكد من صدق قوله، وهناك إذ دخلوا الكهف وجدوا الصندوق النحاس وقرأوا الصحائف التي به وتحققوا من الأمر.
سمع الملك بذلك فأسرع بالحضور، وجاء يتحقق الأمر وهو يشكر الله الذي أكَد له القيامة عمليًا، وإذ إلتقى بهم سجد أمامهم وعانقهم وبكى.
أكّد له مكسيملياس أن الله قد سمح لهم بذلك من أجل إيمان الكنيسة، ثم رقد الشبان ودفنوا في مواضعهم بعد أن بسط الملك حلته الملوكية على أجسادهم وهو يبكي.
أراد الإمبراطور أن يقيم لهم توابيت ذهبية، فظهر له المعترفون في حلم، قائلين له :
"إن أجسادنا قد بُعثت من تراب، ولم تبعث من ذهب أو فضة، فدعونا على التراب في نفس موضعنا من الكهف ذاته، لأن الله سيبعثنا من هناك".
شهداؤُك يا ربّ.
بجهادِهم نالوا أَكاليلَ الخلود.
منكَ يا إِلهَنا.
فإِنَّهم أَحرزوا قوَّتَكَ.
فقهروا المُضطهِدِين.
وسحقوا تجبُّرَ الأَبالسَةِ الواهي.
فبتضرُّعاتِهم.
أَيُّها المسيحُ الإِله.
خلِّصْ نفوسَنا. آمــــــــــــين.
وفيه أيضاً :
خوري أرس المعترف
وُلِدَ جان ماري فيانّيه في بلدة دارديّي Dardilly الصغيرة في ٨ أيار/مايو ١٧٨٦ من عائلة قرويّة فقيرة مادّيًا، لكنّها غنيّة بالإنسانيّة والإيمان.
إقتبل العماد، كما كانت العادة في ذاك العصر، يومَ ولادته، وكرَّس سَنوَات صِباه ومُراهقته للعمل في الحقل ورعاية الحيوانات، حتّى أنّه كان لا يزال أُميًّا في السابعة عشر من عمره.
سيمَ شمّاسًا في ٢٣ حزيران ١٨١٥، وكاهنًا في ١٣ آب/أغسطس التالي.
أظهر القديس خوري آرس دومًا إعتبارًا كبيرًا لِلعطيّة التي تلقّاها.
ومنذ صِباه أسرَّ إلى والدته :
"إن كنتُ كاهنًا، وددت أن أجذب نفوسًا كثيرة".
وفي ٩ شباط ١٨١٨ وصل إلى آرس حيث عيّنه الأسقف كاهناً لهذه الرّعيّة الصغيرة، حيث سوف يبقى لمدّة ٤١ سنة، ولن يتركها إلاّ ساعة الإنتقال إلى بيت الآب.
فقد إستطاع هذا الكاهن المجهول القادم من قرية مُنعزلة في جنوب فرنسا في خدمته الرعويّة البسيطة والخصبة بِشكلٍ عجيب، أن يتماهى مع خدمته حتّى أصبح، بِشكلٍ مرئيّ يعترف به الجميع، "مسيحًا آخر"، وعلى مِثال الراعي الصالح، فقد بذل نفسه على مدى عقود خدمته الكهنوتيّة.
فقد كانت حياته تعليمًا مسيحيًّا حيًّا، تَكتسِب فعاليّة خاصّة حين كان يراه الناس يحتفل بالقداس، ويقف مُتعبِّدًا أمام بيت القربان ويمضي ساعات عديدة في كرسي الإعتراف.
توفي الساعة الثانية ليلاً من يوم ٤ آب ١٨٥٩، لتكن صلاته معنا. آمــــــــــــين.