كنت ذات يوم مع بعض أصدقائي المؤمنين مهتماً بأمر التبشير بالإنجيل في بلاد النمسا وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى.
فألّفنا لجنة خصوصيّة ووضعنا خططاً مختلفة ولكن لم نصل إلى أية نتيجة.
أخيراً جثونا على ركبنا وبعد صلوات حارة سلمنا تدبير هذا الأمر لله تعالى.
وحدث أن ذهبت بعد مدة قصيرة إلى إحدى مدن النمسا الصغيرة ورتبنا عقد إجتماع للتبشير بالإنجيل ليلة عيد الميلاد.
إمتلأ المكان المعد للإجتماع بالحضور.
وكان الجميع ينتظرون سماع الوعظ بفارغ الصبر وحدث قبل المباشرة بالكلام أن داهمنا أحد رجال البوليس فوقف في الباب وقدم لنا ورقة فيها أمر يمنع القاء العظة.
وهنا يمكنكم أن تتخيلوا خيبة الأمل التي شعرت بها أنا وجميع الحاضرين ولكن في برهة قصيرة تغلبت على ذلك التويش إذ خطر ببالي فكرة جديدة.
فقلت لرجل البوليس، هل تسمح بأن ألقي على الحاضرين بعض الأحاجي إذ كانت منتشرة عادة كهذه في بلادنا؟ فألقى نظرة على الورقة التي في يده ثم قال "لست أرى في الأوامر التي معي ما يمنع ذلك ".
حينئذ إلتفت إلى الحضور وقلت لهم أي حرف من الحروف الهجائية هو أحبّ الحروف إليكم؟
فجرّب الكثيرون أن يحلوا الأحجية ولكن لم يصل أي واحد منهم إلى الجواب المطلوب وعندها قلت سأساعدكم في إيجاد الجواب.
لنفترض إني رأيت بيتاً كبيراً وجميلاً جداً فهل أنتفع من ذلك شيئاً ؟ كلا.
لأنه في نظري بيت جميل وحسب.
ولكن في شارع آخر قائم كوخ صغير وهذا الكوخ ملك لي ومع أنه صغير وحقير ولكن حينما أفتكر به أمتلئ بالفرح.
ولماذا؟ لأني أستطيع أن أقول أنه بيتي.
والآن أرجوكم أن تخبروني أي الكلمتين أحبّ إليكم بيت أم بيتي؟ فأجاب الجميع " بكل تأكيد بيتي " فقلت أحب الحروف إلينا هو "الياء" لأنها تعبّر عن معنى الملكيّة إذا أضيفت إلى الإسم وبهذه المناسبة دعونا نفكر في الفرق بين الكلمتين " المخلص " و " مخلصي " حينئذ بذلك كل جهدي كي أبين لهم الفرق بين الكلمتين وقلت ماذا أنتفع من قولي في البشارة أنّ المخلص آتي إلى هذا العالم وولد في مغارة بيت لحم إذا لم يدخل إلى مغارة قلبي وبدّد منها الظلام والحزن يزيل حمل الخطية؟ ولكن حينما أفتح قلبي له كمخلصي وربي فهو حسب وعده يدخل ويملأ قلبي بالفرح والنور السماوي.
إنّ البشارة المفرحة التي تنطق تقول أنّ الرب يسوع المسيح مات عن خطايا كل الناس هي جميلة جداً ولكنها لا تكون من نصيبي إلاّ حينما أتيقّن بأنه مات عن خطيتي أنا.
وعند ذلك أعرف بواسطة إختباري أنه مات لأجلي وخلصني وأنه مخلصي الشخصي فيكون لي سلام مع الله بربي يسوع المسيح (رو ٥: ١) "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته (افسس ١: ٧) بدون الرب يسوع أعرف هذه الحقيقة المرة التي قالها الرب نفسه " من يخطئ فهو عبد للخطية " ومع الرب يسوع أعرف هذه الحقيقة المفرحة وهي " أن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً " وفعلاً حينما أقبله مخلصاً لي وأثبت فيه يعطيني قوة للإنتصار على الخطية وعلى كافة ميولي الشريرة وهكذا تتغير حياتي فأصبح " خليقة جديدة في المسيح يسوع ".
كان جميع السامعين يصغون بإنتباه عجيب إلى كلماتي التي تختلف عن العظة الإعتيادية أما منظر رجل البوليس الواقف على الباب فقد كان يدل على أنه منتبه لكل كلمة ولا عجب في ذلك إذ هو أيضاً له نفس خالدة تشتاق بطبيعتها إلى الحصول على سلام مغفرة الخطايا.
أخيراً قلت أيّها الأحباء ! إننا نحتفل في هذا المساء بتذكار مجيئ المخلص إلى العالم وبهذه المناسبة ليسأل كل واحد منا نفسه هذا السؤال الخطير: ما هي علاقتي بالمسيح؟ هل هي إعتقادي أنه مخلص العالم بوجه عام أو أنه مخلصي الشخصي الذي إختبرت قوة نعمته المخلصة في حياتي؟ ثم اقترحت أن نرنم ترنيمة يمجد بها الرب يسوع كما هي عادتنا في عيد الميلاد.
وسألت رجل البوليس هل من مانع لديه فنظر إلى الورقة التي في يده وقال كلا فان الأمر لا يذكر شيئاً عن الترنيم بل عن الوعظ فقط.
رنم الجميع بفرح عظيم إحدى ترانيم عيد الميلاد ثم تفرقوا بسلام.
في صباح اليوم التالي باكراً جداً سمعت قرعاً خفيفاً على النافذة وكم كانت دهشتي عظيمة عندما نظرت إلى الخارج فرأيت رجل بوليس الأمس واقفاً أمام النافذة وفيما أنا ذاهب لأفتح الباب لهذا الضيف غير المنتظر خطر ببالي أنه آت بأمر جديد وربما كان ذلك الأمر بتوقيفي بداعي إجتماع الليلة الماضية.
دخل الرجل وبصوت مرتجف قال "صباح الخير يا سيدي! قد أتيت لأقصّ عليك ما حصل لي في الليلة الماضية.
كنت طول الوقت أتأمل في سؤالك وهو هل المسيح مخلصي، وبعد وقت طويل وتفكير عميق جثوت على ركبتي ودعوت الرب طالبا إليه أن يكون مخلصي من الخطية ولمزيد بهجتي حالاً سمع لي فإمتلأ قلبي بالفرح والسلام إذ غفر خطاياي وخلصني وهذه أول مرة في حياتي أشعر بها أنّ المسيح وُلد لأجلي أنا شخصياً وقد أتيت لأشكرك على الإجتماع الذي عقدته في الليلة الماضية ".
لا أقدر أن أصف الفرح الذي شعرت به ذلك الصباح ولكن أستطيع التصريح أنه صدى الفرح الذي يكون " قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب "
والآن أيّها القارئ العزيز هل إختبرت هذا الفرح بقبولك المسيح مخلصاً لك أم تقول بلسانك فقط "جميع الناس خطاة والمسيح جاء ليخلص العالم "؟
ليتك تقبل هذه البشارة المفرحة بأنه قد ولد لأجلك أيضاً مخلص هو المسيح الذي جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك " لأنه يولد لنا ولد ونعطى إبناً... ويدعى إسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبديّاً رئيس السلام "
(اشعياء ٩: ٦)
أصغ إلى ما يقوله الرب :
"هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي"
(رؤيا 3: 20)
ها هو واقف ويقرع على باب قلبك فلا تدعه ينتظر طويلاً بل إفتح له.
أدع بإسمه لكي يخلّصك لأنه مكتوب " كل من يدعو بإسم الرب يخلص" وإن فعلت ذلك تجد السلام وتحصل على نور الحياة وعلى قوة ضد الخطية.
#خبريّة وعبرة
/خدّام الرب/
أضغط هنا... للإنتقال إلى صفحاتنا على سوشيال ميديا