يؤكد يسوع أن يوحنا هو أعظم مواليد النساء لكنه الأصغر في ملكوت السموات فمن عسانا نكون نحن؟ هل نحن أعظم من يوحنا؟
وكيف يكون الاعظم والاصغر في الوقت نفسه؟
هو الأعظم في شعب العهد القديم لأنه شاهد يسوع، أبصر النور العظيم، فلم يعد سائراً في الظلمة، خرج إلى نهر الأردن وعمّد الناس معمودية التوبة لا بل عمّد يسوع وكانت مناسبة جميلة إلتقى فيها العهدين القديم والجديد لإظهار مجد الله وهوية يسوع الحقيقية.
عرف يوحنا المعمدان دوره وحدّه، فدوره هو إعداد طريق الرب ودعوة شعب العهد القديم إلى التوبة وتهيئة النفوس إلى لقاء المسيح المنتظر ملكاً على القلوب ومخلصاً من ثقل الايام الماضية وغلاظة حروف الشريعة.
وعرف حدّه، فهو ليس الاعظم بل يسوع، وعرف أنه لا يستحق أن يحل سير حذائه، وعرف أن عليه أن ينقص ويغيب وأن يسوع سينمو كحبة الخردل ليجتاح العالم بالحب، وعرف أنه الأصغر في مملكة المسيح لأنه لم يتناول جسده في سرّ الافخارستيا.
عرف يوحنا أن ملكوت المسيح هو لأبناء القربان أي الذين شاؤوا أن يسيروا درب الحب (الصليب) كمعلمهم، وعرف أنهم سيحلقون بعيداً كالنسور في شريعة المحبة ومدرسة بذل الذات على مذبح الحب.
لذلك "مَلَكُوتُ السَّمَاواتِ يُغْصَب، والغَاصِبُونَ يَخْطَفُونَهُ" من أيام يوحنا إلى يومنا هذا.
يغصب ويخطف، لأنه فوق الرغبات والغرائز والمنطق البشري. فمحبة الأعداء مثلاً لا يقبلها إلا من خطف إرادته وجعلها في أمر الحب، وإدارة الخد الايسر لمن ضُرب على الايسر لا يُطيقها إلا من غصب نفسه وحمّلها أكثر من طاقتها، فأصبح لها طاقة من الله لكسر شريعة البشر.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/