يحكى أن رجلاً من هواة تسلّق الجبال، قرّر تحقيق حلمه في تسلّق أعلى جبال العالم وأخطرها.
وبعد سنين طويلة من التحضير وطمعًا في أكبر قدر من الشهرة والتميز، قرّر القيام بهذه المغامرة وحده.
وبدأت الرحلة كما خطّط لها ومعه كل ما يلزمه لتحقيق حلمه.
مرّت الساعات سريعة ودون أن يشعر، فاجأه الليل بظلامه وكان قد وصل تقريبًا إلى نصف الطريق حيث لا مجال للتراجع، ربما يكون الرجوع أكثر صعوبة وخطورة من إكمال الرحلة وبالفعل لم يعد أمام الرجل سوى مواصلة طريقه الذي ما عاد يراه وسط هذا الظلام الحالك وبرده القارس ولا يعلم ما يخبأه له هذا الطريق المظلم من مفاجآت.
وبعد ساعات أخرى أكثر جهدًا وقبل وصوله إلى القمة، إذ بالرجل يفقد إتزانه ويسقط من أعلى قمة الجبل بعد أن كان على بُعد لحظات من تحقيق حلم العمر أو ربما أقل من لحظات! وكانت أهم أحداث حياته تمرّ بسرعة أمام عينيه وهو يرتطم بكل صخرة من صخور الجبل.
وفي أثناء سقوطه تمسك الرجل بالحبل الذي كان قد ربطه في وسطه منذ بداية الرحلة ولحسن الحظ كان خطّاف الحبل معلّق بقوة من الطرف الآخر بإحدى صخور الجبل، فوجد الرجل نفسه يتأرجح في الهواء، لا شيء تحت قدميه سوى فضاء لا حدود له ويديه المملوءة بالدم، ممسكةَ بالحبل بكل ما تبقى له من عزم وإصرار.
وسط هذا الليل وقسوته، إلتقط الرجل أنفاسه كمن عادت له الروح، يمسك بالحبل باحثًا عن أي أملٍ في النجاة.
وفي يأس لا أمل فيه، صرخ الرجل: - إلهي، إلهي، تعالى أعنّي!
فإخترق هذا الهدوء صوت يجيبه : "ماذا تريدني أن أفعل؟؟"
- أنقذني يا رب!!
فأجابه الصوت :
"أتؤمن حقًا أني قادرٌ علي إنقاذك؟؟"
- بكل تأكيد، أؤمن يا إلهي ومن غيرك يقدر أن ينقذني؟!
- "إذن، إقطع الحبل الذي أنت ممسكٌ به!"
وبعد لحظة من التردّد لم تطل، تعلّق الرجل بحبله أكثر فأكثر. وفي اليوم التالي، عثر فريق الإنقاذ علي جثة رجل على إرتفاع متر واحد من سطح الأرض، ممسك بيده حبل وقد جمّده البرد تمامًا.
متر واحد فقط من سطح الأرض!!
العبـــــــــــــــــــرة
ماذا عنك؟ هل قطعت الحبل؟ هل مازلت تظن أن حبالك سوف تنقذك؟ إن كنت وسط آلامك ومشاكلك، تتكل على حكمتك وذكاءك، فإعلم أنّ ينقصك الكثير كي تعلم معنى الإيمان.
نلتقي غداً بخبريّة جديدة
خبريّة وعبرة
/الخوري جان بيار الخوري/