لم يؤسس يسوع ديناً أو جماعة تهيمن على إرادة الإنسان وتصادر حريته فيذوب في كيانها إلى حدّ الاندثار.
بل أعطى نهجاً مغايراً لكل النخب الدينية لا بل الإنسانية عبر التاريخ ينطلق من الحب لأن الله محبة ويعود إليه.
هذا النهج توّجه يسوع على الصليب، فانتصر الإنسان ومن بعده كل الانسانية لانه أفرغ ذاته إلى درجة الموت عنها ليمتلء الإنسان من الحب الأعظم وتعريفه "أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه".
هذا النهج ينطلق من الإرادة الحرة "من أراد أن يتبعني"، فالحب دون إرادة حرّة يُصبح إستعباداً موصوفاً ويجنح نحو الانتحار على طريقة الكاميكاز اليابانية.
حيث كان الطيارون الانتحاريون (الكاميكاز) يصطدمون بسفن الحلفاء عمداً بطائراتهم المحملة بالمتفجرات والطوربيدات وخزانات الوقود المملوءة بهدف تفجيرها.
فهدف اغراق أو اضرار أكبر كمية ممكنة من السفن وخاصة ناقلات الطائرات، كان مبرراً لهذه الانتحارات الجماعية.
الكفر بالنفس هو حمل الصليب أي بعبارة واقعية "عيش الحب"، وهدف الصليب هو خلاص النفس "لأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا" والعكس صحيح، فالكفر بالنفس هو التخلص من الأنانية وحب الذات وتأليه الغرائز وانتزاع السيادة منها على قرار الإنسان الحرّ لصالح الحب الذي يحيي ويخلق ويؤلّه الإنسان كما الكثيرين من الابرار والصديقين والصالحين على مر الأيام والسنين.
"ومَنْ فَقَدَ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا"
هنا يلتقي الصليب والقيامة، الموت والحياة، الإنسان بكل ضعفه والله بكل قوته.
هنا يتّحد اللاهوت بالناسوت والناسوت باللاهوت، الحياة بالموت والموت بالحياة، فيأخذ الله ضعف الإنسان ويهبه قوته، لأنه لا قدرة له على الحب فيعطيه طاقة من عنده ليغفر ويحبّ حتى الأعداء.في هذا المنطق (الصليب = الحب) فقط لا يدخل الإنسان عالم الموت "إِنَّ بَعْضًا مِنَ القَائِمِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا المَوت" ويضمن أبديته فكلما أحب تجدد شبابه كالنسر وحلّق بعيداً.
اشفنا يا رب من مرض "الانا" كي نحمل صليبنا ونتبعك لنعاين مجدك القدوس فلا نذوق الموت أبداً. آمين.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/