أليصابات العاقر "الختيارة" لم تقطع الأمل ولم تيأس ولم تُغلق باب الرجاء بل إنتظرت طويلاً حتى إنهارت كل الحسابات البشرية وكل المنطق البشري وكل القواعد البيولوجية وعلوم الحياة وكان لها ما أرادت.
يعلمنا الثنائي زكريا وأليصابات أن العمر ليس شرطاً للولادة وتجدد الحياة، فقد تكون شاباً وقتلت في داخلك بذور الحياة وقد تكون كهلاً وتنثر تلك البذور أينما وجدت.
يعلمنا هذا الثنائي أن الحياة أقوى من ظروف الفقر، فالوضع الاقتصادي الرديء لا يقطع النسل، وكل الحجج العصرية (عمل الزوجة، طلب الراحة، المحافظة على نحافة الجسد...) لا يمكن أن تمنع الحياة عن مستحقيها، وأن الإجهاض جريمة يعاقب عليها الضمير البشري منذ آدم حتى القيامة.
يوحنا، أي الرب يتحنن على أليصابات العاقر وزكريا الشيخ الكبير، وهو يتحنن على كل الناس، وحنانه لا حد له.
أليصابات لم تكن تعلم أن زكريا سيسميه يوحنا، وزكريا لم يكن يعلم أيضا أن أليصابات ستسميه بهذا الاسم، هي بالقول وهو بالكتابة، هي بالعقل واللسان وهو بالفكر والقلب.. انه حضور الله القوي الذي يجعل الزوج والزوج الى هذا الحد متناغمين، يقرأ واحدهما أفكار الآخر.
أنتصر الثنائي، أليصابات وزكريا، على الاهل والجيران والعشيرة، وكل ما يمت الى العصبيات الارضية من صلة.
وجعلا الناس يكتشفا أن يد الرب ستكون مع هذا الطفل، ويتساءلون ما عساه سيكون؟سيكون مباركا ولديه طاقة هائلة من الحب ليعد طريق الرب ويجعل سبله مستقيمة، سيكون أعظم مواليد النساء ولكنه الاصغر في ملكوت السموات، وسيكون شاهدا للحق دون مواربة وبشجاعة بطولية حتى الاستشهاد مقطوع الرأس.
كم نحن بحاجة اليوم الى عائلات تتخطى المستحيل مثل عائلة زكريا؟ كم نحن بحاجة الى ايمان زكريا رغم ضعفه وتسليم اليصابات لمشيئة الرب رغم كبر سنها؟ كم نحن بحاجة الى أمل لا يشيخ ورجاء لا يتعب؟ كم نحن بحاجة الى أبناء مميزين فريدين يبهجون قلوبنا كآباء وأمهات، عندما نراهم يتبعون الحق ويعدون طريق الرب بالوسائل التي يبرعون بها؟ كم نحن بحاجة الى أبناء يرثوننا في هذه الحياة ويجعلوها أفضل للاجيال القادمة؟
ليس لي فرح أعظم من هذا وهو أن أسمع عن أولادي أنهم "يسلكون بالحق"(٣ يوحنا ٤)..
طوبى للذي ملأ جعبته منهم..(مزمور ١٣٧ / ٣)
أحد مبارك
/الخوري كامل كامل/